صراع الزعامات داخل بني يزناسن في القرن 19
عرفت قبائل بني يزناسن في النصف الثاني من القرن 19 عدة صراعات بين افخاذها من جهة وبينها وبين لمهاية و انكاد من جهة أخرى، وكان لهذا الصراع عدة أسباب منها:
ـــ العصبية القبلية التي كانت تتسم بها كل قبيلة لكي تحافظ على كيانها السياسي وتتطلع إلى الزعامة على كل قبائل بني يزناسن، بل بسط السيطرة على كل مناطق الجهة الشرقية التي كانت تابعة لعمالة وجدة.
ـــ استغلال سهول انكاد التي كانت موضع إضطراب وقلق وفتن بين بني يزناسن و قبائل اخرى
الرئاسة موهبة مكتسبة يتم الوصول اليها عبر معطيات ملائمة تتجلى في وجود اشخاص في القبيلة قادرون على التأثير والتحفيز. والشخص القوي في القبيلة القادر على أخذ زمام المبادرة يعتمد على هذه المعطيات للوصول الى غايته المنشودة، فالقائد القوي إذن يعتمد على قبيلته للوصول الى القيادة، فبدون هذه العصبية يستحيل تحقيق ذلك مصداقا لقول ابن خلدون في مقدمته:" الرئاسة لا تكون الا بالغلب والغلب إنما يكون بالعصبية".
كان البشير او مسعود الوريمشي يتزعم بني يزناسن وكان يسكن قصره ببرديل ضواحي تافوغالت الذي كان يتخذه دار للحكم، وبعد وفاته رحمه الله خلفه ابنه الحاج ميمون، لكن بني عتيق وبني منقوش وبني خالد لم يرضوا بهذا التنصيب واعلنوا العصيان ورفضوا دفع العشور والضرائب لكن الحاج ميمون دعا قبيلته ــ بني وريمش ــ لرفع السلاح لتأكيد سلطانه واستمراره كقائد، واجبرهم بقوة السلاح على دفع الحصص التي عليهم، واجبر ايضا سكان انكاد فاخضعوا له قهرا، وبهذا الفعل هنأه المولى عبد الرحمن سلطان البلاد.
نستنتج ان طريقة الحاج ميمون للتعامل مع الخارجين عليه وعدم تقديم الاعتبار له كقائد للمنطقة لم تكم لترضي كل الاطراف بل وقد اتهم اباه البشير او مسعود من طرف الاقسام الاخرى باثقالهم بالضرائب وجعلهم يعانون كثيرا على العكس لسكان قبيلته ــــ بني وريمش ــــ التي اعطاها كل الامتيازات. كان للحاج ميمون اعداء كثر نتيجة الصراع القبلي الذي كان بين بني يزناسن ولمهاية كما اسلفت الذكر، فقام رجل من لمهاية يدعى العيد بن بوجمعة باغتياله يوم الرابع من شتنبر من سنة 1863م، هذا الحادث عمل على تأجيج الصراع القائم بين القبيلتين مما زاد نار الفتنة بينهم ، فلقد اغار بنو يزناسن على لمهاية ولجوء نحو مايقارب 150 خيمة من لمهاية الى الجزائر، ولم تهدأ هذه الفتنة إلا في صيف 1868م حينما احيل قاتل الحاج ميمون على القضاء.
بعد اغتيال الحاج ميمون خلفه اخوه الحاج محمد، كان هذا الرجل طموحا محبا للمجد والتألق وكان يريد ان يعزل عامل وجدة عن الدور السياسي ، وقد حصل الزعيم الوريمشي على مبتغاه حين ولاه السلطان الحسن الاول قائدا كبيرا على بني يزناسن وعاملا على وجدة خلفا للعامل عبد القادر بن الحسين في نونبر 1874م.
ان تولية الحاج محمد بن البشير لم تلق ترحابا بل معارضة كل من بني ادرار بزعامة الحاج محمد الزعيمي واهل انكاد الذين عقدوا ميعادا على مقربة من واحة سيدي يحيى يوم 20 نونبر 1874م مع قبيلة لمهاية التي انضمت اليهم ووقعت حروب متطاحنة بين الطرفين مما ادى الى تدخل المولى الحسن الاول وعزل الحاج محمد بن البشير من منصبه وارسله مسجونا الى فاس، وعين مكانه عاملا جديدا على عمالة وجدة وهو بوشتا ولد البغدادي.
في هذه الفترة كانت الضغائن الطائفية مضطرمة حتى بين افخاذ بني يزناسن فتفرقت كلمتهم وتشتت جمعهم فالتجأ الحاج محمد الصغير ابن الحاج محمد الى تلمسان بالجزائر، وتحولت السلطة من بني وريمش الى بني عتيق إثر تولية السلطان المولى الحسن الاول السيد بولنوار لهبيل قائدا كبيرا على بني يزناسن.
حينما رجع الحاج محمد الصغير الى منزله بالحمري اراد ان يعتزل السياسة لكن حاشيته اشاروا عليه بحرب القائد بولنوار وازالته عن القيادة العليا لبني يزناسن. بالفعل وقعت معركة حاسمة بين الطرفين قتل فيها القائد بولنوار. من الملاحظ ان السلطة العليا لم تحرك ساكنا بل ان السلطان سلم بعد ذلك ظهير التولية للحاج محمد الصغيرعلى بني يزناسن.
هذه المعركة رشحت كفة اولاد البشير، واصبحت عائلة لهبيل قد انطوت على نفسها وذاقت من آلام الثكل والانهزام الشيء الكثير.
خلاصة القول ان بلاد بني يزناسن كانت تعيش حالات من السيبة التي لم تكتس فيها صيغة التمرد على النفوذ السلطاني، بل ان بني يزناسن كانوا ملتزمين بالبيعة الشرعية نحو عاهل البلاد بحيث ان الممثل المخزني للمنطقة ـــ أي العامل ـــ كانت له السلطة الاسمية فقط اما السلطة الفعلية الكاملة في كل الاقليم كانت لقائد القبيلة.
ـــ العصبية القبلية التي كانت تتسم بها كل قبيلة لكي تحافظ على كيانها السياسي وتتطلع إلى الزعامة على كل قبائل بني يزناسن، بل بسط السيطرة على كل مناطق الجهة الشرقية التي كانت تابعة لعمالة وجدة.
ـــ استغلال سهول انكاد التي كانت موضع إضطراب وقلق وفتن بين بني يزناسن و قبائل اخرى
الرئاسة موهبة مكتسبة يتم الوصول اليها عبر معطيات ملائمة تتجلى في وجود اشخاص في القبيلة قادرون على التأثير والتحفيز. والشخص القوي في القبيلة القادر على أخذ زمام المبادرة يعتمد على هذه المعطيات للوصول الى غايته المنشودة، فالقائد القوي إذن يعتمد على قبيلته للوصول الى القيادة، فبدون هذه العصبية يستحيل تحقيق ذلك مصداقا لقول ابن خلدون في مقدمته:" الرئاسة لا تكون الا بالغلب والغلب إنما يكون بالعصبية".
كان البشير او مسعود الوريمشي يتزعم بني يزناسن وكان يسكن قصره ببرديل ضواحي تافوغالت الذي كان يتخذه دار للحكم، وبعد وفاته رحمه الله خلفه ابنه الحاج ميمون، لكن بني عتيق وبني منقوش وبني خالد لم يرضوا بهذا التنصيب واعلنوا العصيان ورفضوا دفع العشور والضرائب لكن الحاج ميمون دعا قبيلته ــ بني وريمش ــ لرفع السلاح لتأكيد سلطانه واستمراره كقائد، واجبرهم بقوة السلاح على دفع الحصص التي عليهم، واجبر ايضا سكان انكاد فاخضعوا له قهرا، وبهذا الفعل هنأه المولى عبد الرحمن سلطان البلاد.
نستنتج ان طريقة الحاج ميمون للتعامل مع الخارجين عليه وعدم تقديم الاعتبار له كقائد للمنطقة لم تكم لترضي كل الاطراف بل وقد اتهم اباه البشير او مسعود من طرف الاقسام الاخرى باثقالهم بالضرائب وجعلهم يعانون كثيرا على العكس لسكان قبيلته ــــ بني وريمش ــــ التي اعطاها كل الامتيازات. كان للحاج ميمون اعداء كثر نتيجة الصراع القبلي الذي كان بين بني يزناسن ولمهاية كما اسلفت الذكر، فقام رجل من لمهاية يدعى العيد بن بوجمعة باغتياله يوم الرابع من شتنبر من سنة 1863م، هذا الحادث عمل على تأجيج الصراع القائم بين القبيلتين مما زاد نار الفتنة بينهم ، فلقد اغار بنو يزناسن على لمهاية ولجوء نحو مايقارب 150 خيمة من لمهاية الى الجزائر، ولم تهدأ هذه الفتنة إلا في صيف 1868م حينما احيل قاتل الحاج ميمون على القضاء.
بعد اغتيال الحاج ميمون خلفه اخوه الحاج محمد، كان هذا الرجل طموحا محبا للمجد والتألق وكان يريد ان يعزل عامل وجدة عن الدور السياسي ، وقد حصل الزعيم الوريمشي على مبتغاه حين ولاه السلطان الحسن الاول قائدا كبيرا على بني يزناسن وعاملا على وجدة خلفا للعامل عبد القادر بن الحسين في نونبر 1874م.
ان تولية الحاج محمد بن البشير لم تلق ترحابا بل معارضة كل من بني ادرار بزعامة الحاج محمد الزعيمي واهل انكاد الذين عقدوا ميعادا على مقربة من واحة سيدي يحيى يوم 20 نونبر 1874م مع قبيلة لمهاية التي انضمت اليهم ووقعت حروب متطاحنة بين الطرفين مما ادى الى تدخل المولى الحسن الاول وعزل الحاج محمد بن البشير من منصبه وارسله مسجونا الى فاس، وعين مكانه عاملا جديدا على عمالة وجدة وهو بوشتا ولد البغدادي.
في هذه الفترة كانت الضغائن الطائفية مضطرمة حتى بين افخاذ بني يزناسن فتفرقت كلمتهم وتشتت جمعهم فالتجأ الحاج محمد الصغير ابن الحاج محمد الى تلمسان بالجزائر، وتحولت السلطة من بني وريمش الى بني عتيق إثر تولية السلطان المولى الحسن الاول السيد بولنوار لهبيل قائدا كبيرا على بني يزناسن.
حينما رجع الحاج محمد الصغير الى منزله بالحمري اراد ان يعتزل السياسة لكن حاشيته اشاروا عليه بحرب القائد بولنوار وازالته عن القيادة العليا لبني يزناسن. بالفعل وقعت معركة حاسمة بين الطرفين قتل فيها القائد بولنوار. من الملاحظ ان السلطة العليا لم تحرك ساكنا بل ان السلطان سلم بعد ذلك ظهير التولية للحاج محمد الصغيرعلى بني يزناسن.
هذه المعركة رشحت كفة اولاد البشير، واصبحت عائلة لهبيل قد انطوت على نفسها وذاقت من آلام الثكل والانهزام الشيء الكثير.
خلاصة القول ان بلاد بني يزناسن كانت تعيش حالات من السيبة التي لم تكتس فيها صيغة التمرد على النفوذ السلطاني، بل ان بني يزناسن كانوا ملتزمين بالبيعة الشرعية نحو عاهل البلاد بحيث ان الممثل المخزني للمنطقة ـــ أي العامل ـــ كانت له السلطة الاسمية فقط اما السلطة الفعلية الكاملة في كل الاقليم كانت لقائد القبيلة.