بنو يزناسن عبر التاريخ
مرت على افريقية حضارات قديمة من فينيقية ورومانية ووندالية. ابتداء من الفينيقيين الذين كانوا يتمركزون في المناطق الساحلية للبحر المتوسط وابدعوا في بناء المرافئ والموانئ من بينها روسادير (مدينة مليلية المحتلة) التي يعود تاريخها الى القرن الثالث قبل الميلاد. يمكن اذن ان نستنتج ان سكان منطقة شمال شرق المغرب اتصلوا بهاته الحضارات ووقع امتزاج بين السكان الاصليين. ومن الروم الافريقيون أولاد قرشلو والبقية الذين استوطنوا جبال بني يزناسن قديما وامتزجوا مع قبائلها. .
بعد هذه الحضارات يعرف الشمال الافريقي هجرات عربية ضمن دخول العرب المسلمين للمنطقة، ثم اعقبتها هجرات أخرى متمثلة في غزو العرب الهلالية خلال القرن الخامس الهجري، فضلا عن هجرات الاندلسيين واليهود بعد سقوط الاندلس. وأصبح سكان هذه المناطق خليطا سكانيا بعد تزاوج دام قرونا طويلة. كما هو الشأن عند قبائل بني يزناسن حينما اذنت لقبائل عرب المعقل بالعيش في سهل تريفة.
كانت بلاد بني يزناسن تابعة الى المغرب الاوسط (1) وقاعدتها تلمسان، وكان يحكمها قبل الفتح الاسلامي بطريق اسمه جرجير،كان يحكم تحت ولاية هرقل وكان سلطانه من طرابلس إلى طنجة، فلما دخل الفاتحون المسلمون انتصروا على جرجير في موقعة سبيطلة سنة 27 هـ في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومن هذه السنة كانت بداية الفتح الاسلامي للشمال الافريقي .
بعد هاته المعركة زحف العرب نحو الغرب ووقعت بينهم وبين اهل الضواحي من الامازيغ حروب حتى اسروا أحد ملوك تلمسان صولات بن وزمار الزناتي ثم المغراوي جد بني خزر ملوك تلمسان فرفعوه الى عثمان بن عفان رضي الله عنه فاسلم على يديه واطلقه وعهد له على قومه، وقيل انما اوصله وافدا فاكرم وفادته، وكان ذلك سنة 25 ه من امارة عبد الله بن ابي سرح. ولما هلك صولات بن وزمار الزناتي المغراوي قام بامره في مغراوة وسائر زناتة من بعده ابنه حفص، وكان من اعظم ملوكهم. ثم لما هلك قام بامره ابنه خزر، ثم قام بملكه ابنه محمد، وخلص الى المغرب ادريس الاكبر بن عبد الله سنة 170 هـ، ثم نهض الى المغرب الاوسط سنة 174هـ لغزو مدينة تلمسان ومن بها من قبائل مغراوة وبني يفرن فتلقاه محمد بن خزر هذا مستامنا ومبايعا له، فامنه ادريس وقبل بيعته، ثم آل حكم المغرب لادريس الثاني الذي استفحل امره وعظم سلطانه، وغلب على جميع اعمال ابيه، وملك تلمسان وبني يزناسن ويقضي نهائيا على بعض الامازيغ الذين هم على مذهب الخارجية وذلك سنة 197هـ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1: (مصطلح تاريخي للمنطقة الممتدة من نهر ملوية غربا ـــ المغرب ـــ الى نهر الشلف شرقا ـــ الجزائرـــ )
بني يزناسن خلال الفترة الممتدة من حكم الادارسة حتى اواخر السعديين
دام حكم الادارسة من 172هــ حتى سنة 305هــ، وفي هذه السنة عصفت عاصفة الفاطميين العبيديين التي قامت على أكتاف قبيلة كتامة الامازيغية، وأرادت القضاء على الادارسة، فبعثت بجيش كبير بقيادة مصالة بن حبوس الكتامي للقيام بهذا الامر. إنتصر مصالة على يحيى بن ادريس بن عمر بن ادريس فصالحه يحيى على مال يؤديه ومبايعة عبيد الله المهدي ثم ولى ابن عمه موسى بن أبي العافية كبير مكناسة الذي قام باجلاء بقية الادارسة عن مواطنهم و نقلهم إلى قلعة حجر النسر بإقليم طنجة، وهناك حاصرهم واراد القضاء عليهم، فقام في وجهه نفر من أنصاره وقالوا له: " قد أجليتهم و أفقرتهم تريد أن تقتل بني إدريس أجمعين وأنت رجل من البربر، فانكسر على ذلك." واستقر الامر لموسى بن ابي العافية في بلاد المغرب الاقصى و جزء كبير من المغرب الاوسط ممثلا للفاطميين العبيديين. وبهذه الحادثة المؤلمة التي لمت بالادارسة تفرقوا بين مختلف أقاليم المغرب و لجأ بعضهم إلى جبال بني يزناسن و سكنوا المنطقة ومنهم ينحدر شرفاء بني يزناسن .
دخل بنو يزناسن تحت حكم قبيلة مكناسة بقيادة موسى بن ابي العافية واولاده، وبتحريض من العبيديين دخلت قبيلة مغراوة الزناتية ميدان النزاع حول السلطة، فوقعت حرب بين مغراوة ومكناسة فانهزمت هذه الاخيرة وتقهقرت الى حوض نهر ملوية موطنها الاصلي. أصبحت قبيلة مغراوة تسيطر على بني يزناسن الى حين قدوم المرابطين كما سنرى لاحقا.
غزت قبائل بني هلال بلاد المغرب بتحريض الخليفة المستنصر العبيدي، والسبب في ذلك ان المعز بن باديس صاحب افريقية اعلن استقلاله عن العبيديين وعاد إلى المذهب السني ونبذ المذهب الاسماعيلي الشيعي. كانت هذه الغزوة سنة 443 هــ/1051م. لما وصلت هذه الجموع الكبيرة من العرب الهلالية بدأت تسيطر على قسم كبير من اراضي الامازيغ في ليبيا وتونس والجزائر، وكانوا يقدرون بحوالي 100.000 فرد. إنهزمت قبائل زناتة امام الهلاليون وازاحوهم عن مواطنهم واندفعوا غربا، وهنا يقول ابن خلدون مايلي: وغلب الهلاليون قبائل زناتة على جميع الضواحي و ازاحوهم عن الزاب وما اليه من بلاد افريقية، وانتشر بنو واسين هؤلاء من بني مرين وعبد الواد وتوجين عن الزاب الى موطنهم بصحراء المغرب الاوسط من مصاب وجبل راشد الى ملوية وفكيك. إنتهى كلام ابن خلدون. وايضا لما تقلص ملك بني حماد اهل القلعة زحفوا الى المغرب الاوسط وسكنت بعض القبائل في قبيلة بني عتيق المعروفين ببني حماد .
سكنت قبائل زناتية وصنهاجية وعربية مناطق عدة في المغرب الشرقي، هذه القبائل ومن جراء تشابك المصالح بينها والتي كانت في غالب الاحيان تنتجع أراضي جماعية مشتركة، وتضطر في المواسم العجاف إلى النزوح إلى مناطق الكلأ والماء، ستجاور في سكناها قبائل بني يزناسن ويتم إلتحام و تزاوج فيما بينها .
ما ان قامت الدولة المرابطية، بدأ يوسف بن تاشفين في فتح البلاد وتوحيدها، ففي سنة 474هـ / 1081م زحف إلى مدينة وجدة ففتحها وفتح بلاد بني يزناسن، ولما قامت دولة الموحدين على انقاض المرابطين، افتتح عبد المؤمن بن علي بلاد بني يزناسن خلال غزوته الطويلة التي مكث فيها 7 سنين من سنة 534هــ/1139م إلى 541هــ/1146م .
بعد إنقراض دولة الموحدين أصبح بنو يزناسن تحت حكم سلطتان متنافستان: سلطة بنو عبد الواد بتلمسان وسلطة بنو مرين بالمغرب، فخضعت تارة لسلطة هؤلاء، وتارة لسلطة اولئك حسب مركز القوة.
كان بنو مرين متوفقين عسكريا على بني عبد الواد، فقد ثبتوا حكمهم على المنطقة الشرقية عامة وبني يزناسن خاصة بغزوها عدة مرات، فاكتسحتها في جيوش عظيمة، كما حاصروا مدينة تلمسان حاضرة بنو عبد الواد حينا من الدهر.
ولما ضعفت الدولة المرينية قامت دولة بنو وطاس، وفي آخر عهدهم احتلت الشواطئ المغربية من طرف البرتغاليين مما أدى الى إعلان قبائل بني يزناسن تأييدها للدولة السعدية بعدما استولى المولى محمد الشيخ على فاس سنة 1549م.
الهيمنة التركية على بني يزناسن
في بداية السنوات الاولى من القرن السادس عشر، استولى الاسبان على بعض الثغور من الجزائر مما ادى الى استنجاد الاهالي ب عروج باشا (بابا عروج) واخوه خير الدين باشا، وهما من قواد عساكر الاتراك العثمانيين، الذين كانوا يغزوان على بلاد الكفر برا وبحرا، ليخرجا العدو الاسباني من ارض المسليمن. استولى عروج على ثغر الجزائر بعدما كان العدو الاسباني يملكه فتخلص منه، ثم استولى على تلمسان حاضرة ملوك بني زيان التي اشرفت دولتهم على الهرم وذلك كان سنة 1517م، ثم ان اهل تلمسان انكروا سيرة الترك وسئموا ملكهم ويقال بانه قتل عددا كبيرا من امراء بني عبد الواد، وارتكب كل انواع الفضاعات، لكن ابو حمو الثالث سلطان تلمسان العبد الوادي آنذاك افلت من عروج مستنجدا بالاسبان، فأحس هذا الاخير بالخطر فالتجأ الى بني جبال بني يزناسن، فكانت الكرة عليه وقتل بجبل بني موسى الروا سنة 1518م على يد الملاح الاسباني ڭارسيكا فرنانديز دولابلاز. وقبره مشهور وعليه قبة بمدشر بني موسى الروا و يسميه الاهالي بسيدي عروج.
حينما استولى الاتراك العثمانيون على معظم التراب الجزائري، بدأت انظارهم تتجه نحو المغرب الاقصى، لكن استعصى عليهم امر بسط نفوذهم عليه، فاكتفوا بشن الغارات على المغرب الشرقي لاخضاعه، فتمكنوا من احتلاله حينا من الدهر في فترات ضعف الدولة المغربية، لكن لما تسترد الدولة قوتها تسترجعه لموقعه الاستراتيجي.
ان احتلال الاتراك لبني يزناسن كان من اجل فرض الضرائب وتحصيل الجبايات عليهم، وكانوا احيانا يقومون باستمالة بعض قواد بني يزناسن تارة بالعطايا الوافرة والامتيازات المادية، وتارة اخرى باثارة الفتنة بينهم ومساندة البعض على البعض الاخر تمهيدا للاستيلاء عليهم، او ربما كان من اجل توحيدهم تحت حكم الامبراطورية العثمانية لمجابهة الاطماع الاسبانية والبرتغالية في المنطقة.
حاول الاتراك الاستيلاء على المغرب عدة مرات لكن لم يفلحوا في بسط نفوذهم عليه، فالتجأوا الى مساندة بعض امراء السعديين والتحالف معهم ضد امراء آخرين حول الحكم، مما ادى تاجيج الصراع بين الايالتين لسنوات عديدة.
خلاصة القول ان موقع بلاد بني يزناسن على مشارف الحدود الشرقية للدولة كانت في فترة حكم السعديين تخضع لحكمهم عندما يعم الهدوء وتكون اوامر السلطان مطاعة، واذا ما حدث العكس وعمت الفوضى البلاد، واصاب الوهن سلطة الملك تخضع للاتراك.
استمر تأرجح قبائل بني يزناسن بين المخزن المغربي واتراك الجزائر الى حين مجيء المولى اسماعيل ويدخلها في رحاب دولته سنة 1679/1090.
مرت على افريقية حضارات قديمة من فينيقية ورومانية ووندالية. ابتداء من الفينيقيين الذين كانوا يتمركزون في المناطق الساحلية للبحر المتوسط وابدعوا في بناء المرافئ والموانئ من بينها روسادير (مدينة مليلية المحتلة) التي يعود تاريخها الى القرن الثالث قبل الميلاد. يمكن اذن ان نستنتج ان سكان منطقة شمال شرق المغرب اتصلوا بهاته الحضارات ووقع امتزاج بين السكان الاصليين. ومن الروم الافريقيون أولاد قرشلو والبقية الذين استوطنوا جبال بني يزناسن قديما وامتزجوا مع قبائلها. .
بعد هذه الحضارات يعرف الشمال الافريقي هجرات عربية ضمن دخول العرب المسلمين للمنطقة، ثم اعقبتها هجرات أخرى متمثلة في غزو العرب الهلالية خلال القرن الخامس الهجري، فضلا عن هجرات الاندلسيين واليهود بعد سقوط الاندلس. وأصبح سكان هذه المناطق خليطا سكانيا بعد تزاوج دام قرونا طويلة. كما هو الشأن عند قبائل بني يزناسن حينما اذنت لقبائل عرب المعقل بالعيش في سهل تريفة.
كانت بلاد بني يزناسن تابعة الى المغرب الاوسط (1) وقاعدتها تلمسان، وكان يحكمها قبل الفتح الاسلامي بطريق اسمه جرجير،كان يحكم تحت ولاية هرقل وكان سلطانه من طرابلس إلى طنجة، فلما دخل الفاتحون المسلمون انتصروا على جرجير في موقعة سبيطلة سنة 27 هـ في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، ومن هذه السنة كانت بداية الفتح الاسلامي للشمال الافريقي .
بعد هاته المعركة زحف العرب نحو الغرب ووقعت بينهم وبين اهل الضواحي من الامازيغ حروب حتى اسروا أحد ملوك تلمسان صولات بن وزمار الزناتي ثم المغراوي جد بني خزر ملوك تلمسان فرفعوه الى عثمان بن عفان رضي الله عنه فاسلم على يديه واطلقه وعهد له على قومه، وقيل انما اوصله وافدا فاكرم وفادته، وكان ذلك سنة 25 ه من امارة عبد الله بن ابي سرح. ولما هلك صولات بن وزمار الزناتي المغراوي قام بامره في مغراوة وسائر زناتة من بعده ابنه حفص، وكان من اعظم ملوكهم. ثم لما هلك قام بامره ابنه خزر، ثم قام بملكه ابنه محمد، وخلص الى المغرب ادريس الاكبر بن عبد الله سنة 170 هـ، ثم نهض الى المغرب الاوسط سنة 174هـ لغزو مدينة تلمسان ومن بها من قبائل مغراوة وبني يفرن فتلقاه محمد بن خزر هذا مستامنا ومبايعا له، فامنه ادريس وقبل بيعته، ثم آل حكم المغرب لادريس الثاني الذي استفحل امره وعظم سلطانه، وغلب على جميع اعمال ابيه، وملك تلمسان وبني يزناسن ويقضي نهائيا على بعض الامازيغ الذين هم على مذهب الخارجية وذلك سنة 197هـ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1: (مصطلح تاريخي للمنطقة الممتدة من نهر ملوية غربا ـــ المغرب ـــ الى نهر الشلف شرقا ـــ الجزائرـــ )
بني يزناسن خلال الفترة الممتدة من حكم الادارسة حتى اواخر السعديين
دام حكم الادارسة من 172هــ حتى سنة 305هــ، وفي هذه السنة عصفت عاصفة الفاطميين العبيديين التي قامت على أكتاف قبيلة كتامة الامازيغية، وأرادت القضاء على الادارسة، فبعثت بجيش كبير بقيادة مصالة بن حبوس الكتامي للقيام بهذا الامر. إنتصر مصالة على يحيى بن ادريس بن عمر بن ادريس فصالحه يحيى على مال يؤديه ومبايعة عبيد الله المهدي ثم ولى ابن عمه موسى بن أبي العافية كبير مكناسة الذي قام باجلاء بقية الادارسة عن مواطنهم و نقلهم إلى قلعة حجر النسر بإقليم طنجة، وهناك حاصرهم واراد القضاء عليهم، فقام في وجهه نفر من أنصاره وقالوا له: " قد أجليتهم و أفقرتهم تريد أن تقتل بني إدريس أجمعين وأنت رجل من البربر، فانكسر على ذلك." واستقر الامر لموسى بن ابي العافية في بلاد المغرب الاقصى و جزء كبير من المغرب الاوسط ممثلا للفاطميين العبيديين. وبهذه الحادثة المؤلمة التي لمت بالادارسة تفرقوا بين مختلف أقاليم المغرب و لجأ بعضهم إلى جبال بني يزناسن و سكنوا المنطقة ومنهم ينحدر شرفاء بني يزناسن .
دخل بنو يزناسن تحت حكم قبيلة مكناسة بقيادة موسى بن ابي العافية واولاده، وبتحريض من العبيديين دخلت قبيلة مغراوة الزناتية ميدان النزاع حول السلطة، فوقعت حرب بين مغراوة ومكناسة فانهزمت هذه الاخيرة وتقهقرت الى حوض نهر ملوية موطنها الاصلي. أصبحت قبيلة مغراوة تسيطر على بني يزناسن الى حين قدوم المرابطين كما سنرى لاحقا.
غزت قبائل بني هلال بلاد المغرب بتحريض الخليفة المستنصر العبيدي، والسبب في ذلك ان المعز بن باديس صاحب افريقية اعلن استقلاله عن العبيديين وعاد إلى المذهب السني ونبذ المذهب الاسماعيلي الشيعي. كانت هذه الغزوة سنة 443 هــ/1051م. لما وصلت هذه الجموع الكبيرة من العرب الهلالية بدأت تسيطر على قسم كبير من اراضي الامازيغ في ليبيا وتونس والجزائر، وكانوا يقدرون بحوالي 100.000 فرد. إنهزمت قبائل زناتة امام الهلاليون وازاحوهم عن مواطنهم واندفعوا غربا، وهنا يقول ابن خلدون مايلي: وغلب الهلاليون قبائل زناتة على جميع الضواحي و ازاحوهم عن الزاب وما اليه من بلاد افريقية، وانتشر بنو واسين هؤلاء من بني مرين وعبد الواد وتوجين عن الزاب الى موطنهم بصحراء المغرب الاوسط من مصاب وجبل راشد الى ملوية وفكيك. إنتهى كلام ابن خلدون. وايضا لما تقلص ملك بني حماد اهل القلعة زحفوا الى المغرب الاوسط وسكنت بعض القبائل في قبيلة بني عتيق المعروفين ببني حماد .
سكنت قبائل زناتية وصنهاجية وعربية مناطق عدة في المغرب الشرقي، هذه القبائل ومن جراء تشابك المصالح بينها والتي كانت في غالب الاحيان تنتجع أراضي جماعية مشتركة، وتضطر في المواسم العجاف إلى النزوح إلى مناطق الكلأ والماء، ستجاور في سكناها قبائل بني يزناسن ويتم إلتحام و تزاوج فيما بينها .
ما ان قامت الدولة المرابطية، بدأ يوسف بن تاشفين في فتح البلاد وتوحيدها، ففي سنة 474هـ / 1081م زحف إلى مدينة وجدة ففتحها وفتح بلاد بني يزناسن، ولما قامت دولة الموحدين على انقاض المرابطين، افتتح عبد المؤمن بن علي بلاد بني يزناسن خلال غزوته الطويلة التي مكث فيها 7 سنين من سنة 534هــ/1139م إلى 541هــ/1146م .
بعد إنقراض دولة الموحدين أصبح بنو يزناسن تحت حكم سلطتان متنافستان: سلطة بنو عبد الواد بتلمسان وسلطة بنو مرين بالمغرب، فخضعت تارة لسلطة هؤلاء، وتارة لسلطة اولئك حسب مركز القوة.
كان بنو مرين متوفقين عسكريا على بني عبد الواد، فقد ثبتوا حكمهم على المنطقة الشرقية عامة وبني يزناسن خاصة بغزوها عدة مرات، فاكتسحتها في جيوش عظيمة، كما حاصروا مدينة تلمسان حاضرة بنو عبد الواد حينا من الدهر.
ولما ضعفت الدولة المرينية قامت دولة بنو وطاس، وفي آخر عهدهم احتلت الشواطئ المغربية من طرف البرتغاليين مما أدى الى إعلان قبائل بني يزناسن تأييدها للدولة السعدية بعدما استولى المولى محمد الشيخ على فاس سنة 1549م.
الهيمنة التركية على بني يزناسن
في بداية السنوات الاولى من القرن السادس عشر، استولى الاسبان على بعض الثغور من الجزائر مما ادى الى استنجاد الاهالي ب عروج باشا (بابا عروج) واخوه خير الدين باشا، وهما من قواد عساكر الاتراك العثمانيين، الذين كانوا يغزوان على بلاد الكفر برا وبحرا، ليخرجا العدو الاسباني من ارض المسليمن. استولى عروج على ثغر الجزائر بعدما كان العدو الاسباني يملكه فتخلص منه، ثم استولى على تلمسان حاضرة ملوك بني زيان التي اشرفت دولتهم على الهرم وذلك كان سنة 1517م، ثم ان اهل تلمسان انكروا سيرة الترك وسئموا ملكهم ويقال بانه قتل عددا كبيرا من امراء بني عبد الواد، وارتكب كل انواع الفضاعات، لكن ابو حمو الثالث سلطان تلمسان العبد الوادي آنذاك افلت من عروج مستنجدا بالاسبان، فأحس هذا الاخير بالخطر فالتجأ الى بني جبال بني يزناسن، فكانت الكرة عليه وقتل بجبل بني موسى الروا سنة 1518م على يد الملاح الاسباني ڭارسيكا فرنانديز دولابلاز. وقبره مشهور وعليه قبة بمدشر بني موسى الروا و يسميه الاهالي بسيدي عروج.
حينما استولى الاتراك العثمانيون على معظم التراب الجزائري، بدأت انظارهم تتجه نحو المغرب الاقصى، لكن استعصى عليهم امر بسط نفوذهم عليه، فاكتفوا بشن الغارات على المغرب الشرقي لاخضاعه، فتمكنوا من احتلاله حينا من الدهر في فترات ضعف الدولة المغربية، لكن لما تسترد الدولة قوتها تسترجعه لموقعه الاستراتيجي.
ان احتلال الاتراك لبني يزناسن كان من اجل فرض الضرائب وتحصيل الجبايات عليهم، وكانوا احيانا يقومون باستمالة بعض قواد بني يزناسن تارة بالعطايا الوافرة والامتيازات المادية، وتارة اخرى باثارة الفتنة بينهم ومساندة البعض على البعض الاخر تمهيدا للاستيلاء عليهم، او ربما كان من اجل توحيدهم تحت حكم الامبراطورية العثمانية لمجابهة الاطماع الاسبانية والبرتغالية في المنطقة.
حاول الاتراك الاستيلاء على المغرب عدة مرات لكن لم يفلحوا في بسط نفوذهم عليه، فالتجأوا الى مساندة بعض امراء السعديين والتحالف معهم ضد امراء آخرين حول الحكم، مما ادى تاجيج الصراع بين الايالتين لسنوات عديدة.
خلاصة القول ان موقع بلاد بني يزناسن على مشارف الحدود الشرقية للدولة كانت في فترة حكم السعديين تخضع لحكمهم عندما يعم الهدوء وتكون اوامر السلطان مطاعة، واذا ما حدث العكس وعمت الفوضى البلاد، واصاب الوهن سلطة الملك تخضع للاتراك.
استمر تأرجح قبائل بني يزناسن بين المخزن المغربي واتراك الجزائر الى حين مجيء المولى اسماعيل ويدخلها في رحاب دولته سنة 1679/1090.