بنو يزناسن في عهد المولى محمد 1635 ــ 1664م والمولى الرشيد 1664ــ1671م
قامت الدولة العلوية في سجلماسة (تافيلالت حاليا) بقيادة المولى محمد بن الشريف الذي يعتبر المؤسس العملي للدولة، وفي هذه الفترة كان المغرب مقسما بين الدلائيين في الشمال و السملاليين في السوس و سجلماسة والسعديين في مراكش .لقد أساء رجال أبي حسون السملالي السيرة في أهل سجلماسة، فقام المولى محمد بمحاربتهم وإخراجهم من سجلماسة، ثم بايعه الناس سنة 1050 هــ/1640م، بعد ذلك إستولى على درعة وأعمالها واتسعت دولته وطار في البلاد صيته. حاول المولى محمد السيطرة على فاس معقل الدلائيين ولكن لم يستطع ذلك، فصرف جهده في غزو المغرب الشرقي، فسار إلى أن بلغ بسيط أنكاد فبايعته الاحلاف، وهم العمارنة والمنبات من عرب المعقل فسار بهم إلى بني يزناسن الذين لم يبايعوه ولم يفدوا عليه ليدخلوا في طاعته، وكانوا يومئذ في طاعة الترك فأغار عليهم وانتهب أموالهم وكان ذلك سنة 1060هـ1650 ، ثم انثنى إلى مدينة وجدة وكان أهلها يومئذ حزبين بعضهم قائم بدعوة الترك وبعضهم خارج عنها فانحاز الخارجين إلى المولى محمد وصفت وجدة له فاستولى عليها.(1)
لم ينضم بنو يزناسن الى المولى محمد ، وبقوا على طاعة الترك ولو ظاهريا، ولو كانوا دخلوا في طاعته ربما لكان لهم شان آخر، ولكن لا نعلم ما السبب في ذلك.
إن قدوم المولى محمد إلى المغرب الشرقي كان من اجل الاغارة والنهب والاستيلاء على الاموال، فقد إكتفى بشن الغارات على مختلف القبائل، فتارة على أهل تلمسان ونواحيها، وتارة على بني واسين، وبني سنوس، وتارة على بني يزناسن، وتارة على الزكارة.
وهكذا أقام في المغرب الشرقي مدة قضاها في القيام بمختلف الغارات على مختلف الجهات، ثم انتقل إلى سجلماسة وفرق العرب الذين كانوا حوله ووعدهم إلى الربيع المقبل من غير أن يقر عليهم عاملا يقوم بتسيير شؤونهم، ووضع غير مستقر كهذا يجعل بني يزناسن مستمرين تحت طاعة الترك.
لما توفي المولى الشريف سنة 1069 هــ/1658م جددت البيعة للمولى محمد، فقرر أخيه المولى الرشيد الخروج عليه، فخرج إلى الجبال متنقلا بين أحيائها، حتى انتهى به المطاف إلى جبال بني يزناسن وبالضبط بتافوغالت، ولقد إستقبله اليزناسنيون أحر إستقبال وأكرموه، وبأراضي بني بوعبد السيد بقبيلة بني وريمش وفيها يوجد قصر اليهودي هارون ابن مشعل، وكان لهذا اليهودي أموال طائلة وذخائر نفيسة وله على المسلمين صولة واستهانة بالدين وأهله، فلم يزل المولى الرشيد يفكر في كيفية اغتيال اليهودي المذكور الى أن أمكنه الله منه، فقتله واستولى على أمواله وذخائره، وفرقها على الاحلاف وعرب آنكاد وغيرهم فقوي عضده وكثر جمعه .
دعا المولى الرشيد لنفسه وجمع عليه عرب الشرق، ولما علم المولى محمد بوجود المولى الرشيد ببني يزناسن نهض اليه في جيش كبير قصد حربه وابعاده عما ندب من اجله، و لما التقى الجمعان في بسيط آنكاد، خرجت رصاصة طائشة من جيش المولى الرشيد فاصابت المولى محمد فاردته قتيلا . (2) إنتهت المعركة قبل ان تبدأ وكانت لصالح المولى الرشيد وكانت في سنة 1075هــ/1664م. لقد اسف المولى الرشيد اسفا عظيما لمقتل أخيه، وهو الذي تولى تجهيزه ودفنه، وكان دفنه بقصر اليهودي ابن مشعل.
بالفعل امام القصر توجد قبة ولكن لا أثر لأي قبر، ربما نقل الى مكان مجهول، وانقاض هذا القصر موجود في قبيلة بني بوعبد السيد ببني وريمش ويدعى بقصبة سيدي بوزيد .بعد مقتل المولى محمد بايع بنو يزناسن المولى الرشيد ظاهريا فقط، فبمجرد خروجه الى مناطق اخرى لأخضاعها تحت حكمه، إستمرت موالاة بني يزناسن للسلطة التركية، وهو قرار له مبرراته لان المولى الرشيد لم يترك على المغرب الشرقي عاملا حازما لضبط شؤون هذا الاقليم، أو إعطاء بعض المهمات لقادة المغرب الشرقي في الدولة الجديدة وفي مقدمتهم بنو يزناسن ليكونوا من حاشيته. ومن شأن هذا الاجراء قد يضمن استمرار المنطقة تابعة للمولى الرشيد دون حذر وتحفظ.
_______________
(1): الاستقصا للناصيري م 3 ص: 16
(2): الاستقصا للناصيري م 3 ص: 23
قامت الدولة العلوية في سجلماسة (تافيلالت حاليا) بقيادة المولى محمد بن الشريف الذي يعتبر المؤسس العملي للدولة، وفي هذه الفترة كان المغرب مقسما بين الدلائيين في الشمال و السملاليين في السوس و سجلماسة والسعديين في مراكش .لقد أساء رجال أبي حسون السملالي السيرة في أهل سجلماسة، فقام المولى محمد بمحاربتهم وإخراجهم من سجلماسة، ثم بايعه الناس سنة 1050 هــ/1640م، بعد ذلك إستولى على درعة وأعمالها واتسعت دولته وطار في البلاد صيته. حاول المولى محمد السيطرة على فاس معقل الدلائيين ولكن لم يستطع ذلك، فصرف جهده في غزو المغرب الشرقي، فسار إلى أن بلغ بسيط أنكاد فبايعته الاحلاف، وهم العمارنة والمنبات من عرب المعقل فسار بهم إلى بني يزناسن الذين لم يبايعوه ولم يفدوا عليه ليدخلوا في طاعته، وكانوا يومئذ في طاعة الترك فأغار عليهم وانتهب أموالهم وكان ذلك سنة 1060هـ1650 ، ثم انثنى إلى مدينة وجدة وكان أهلها يومئذ حزبين بعضهم قائم بدعوة الترك وبعضهم خارج عنها فانحاز الخارجين إلى المولى محمد وصفت وجدة له فاستولى عليها.(1)
لم ينضم بنو يزناسن الى المولى محمد ، وبقوا على طاعة الترك ولو ظاهريا، ولو كانوا دخلوا في طاعته ربما لكان لهم شان آخر، ولكن لا نعلم ما السبب في ذلك.
إن قدوم المولى محمد إلى المغرب الشرقي كان من اجل الاغارة والنهب والاستيلاء على الاموال، فقد إكتفى بشن الغارات على مختلف القبائل، فتارة على أهل تلمسان ونواحيها، وتارة على بني واسين، وبني سنوس، وتارة على بني يزناسن، وتارة على الزكارة.
وهكذا أقام في المغرب الشرقي مدة قضاها في القيام بمختلف الغارات على مختلف الجهات، ثم انتقل إلى سجلماسة وفرق العرب الذين كانوا حوله ووعدهم إلى الربيع المقبل من غير أن يقر عليهم عاملا يقوم بتسيير شؤونهم، ووضع غير مستقر كهذا يجعل بني يزناسن مستمرين تحت طاعة الترك.
لما توفي المولى الشريف سنة 1069 هــ/1658م جددت البيعة للمولى محمد، فقرر أخيه المولى الرشيد الخروج عليه، فخرج إلى الجبال متنقلا بين أحيائها، حتى انتهى به المطاف إلى جبال بني يزناسن وبالضبط بتافوغالت، ولقد إستقبله اليزناسنيون أحر إستقبال وأكرموه، وبأراضي بني بوعبد السيد بقبيلة بني وريمش وفيها يوجد قصر اليهودي هارون ابن مشعل، وكان لهذا اليهودي أموال طائلة وذخائر نفيسة وله على المسلمين صولة واستهانة بالدين وأهله، فلم يزل المولى الرشيد يفكر في كيفية اغتيال اليهودي المذكور الى أن أمكنه الله منه، فقتله واستولى على أمواله وذخائره، وفرقها على الاحلاف وعرب آنكاد وغيرهم فقوي عضده وكثر جمعه .
دعا المولى الرشيد لنفسه وجمع عليه عرب الشرق، ولما علم المولى محمد بوجود المولى الرشيد ببني يزناسن نهض اليه في جيش كبير قصد حربه وابعاده عما ندب من اجله، و لما التقى الجمعان في بسيط آنكاد، خرجت رصاصة طائشة من جيش المولى الرشيد فاصابت المولى محمد فاردته قتيلا . (2) إنتهت المعركة قبل ان تبدأ وكانت لصالح المولى الرشيد وكانت في سنة 1075هــ/1664م. لقد اسف المولى الرشيد اسفا عظيما لمقتل أخيه، وهو الذي تولى تجهيزه ودفنه، وكان دفنه بقصر اليهودي ابن مشعل.
بالفعل امام القصر توجد قبة ولكن لا أثر لأي قبر، ربما نقل الى مكان مجهول، وانقاض هذا القصر موجود في قبيلة بني بوعبد السيد ببني وريمش ويدعى بقصبة سيدي بوزيد .بعد مقتل المولى محمد بايع بنو يزناسن المولى الرشيد ظاهريا فقط، فبمجرد خروجه الى مناطق اخرى لأخضاعها تحت حكمه، إستمرت موالاة بني يزناسن للسلطة التركية، وهو قرار له مبرراته لان المولى الرشيد لم يترك على المغرب الشرقي عاملا حازما لضبط شؤون هذا الاقليم، أو إعطاء بعض المهمات لقادة المغرب الشرقي في الدولة الجديدة وفي مقدمتهم بنو يزناسن ليكونوا من حاشيته. ومن شأن هذا الاجراء قد يضمن استمرار المنطقة تابعة للمولى الرشيد دون حذر وتحفظ.
_______________
(1): الاستقصا للناصيري م 3 ص: 16
(2): الاستقصا للناصيري م 3 ص: 23
المولى إسماعيل 1082ــ1139هــ/1672ــ1727م
لما توفي المولى الرشيد سنة 1082هــ/1671م انعقدت البيعة لأخيه المولى إسماعيل الذي كان مقيما في مكناسة الزيتون واليا لاخيه الرشيد على بلاد الغرب، و يعتبر رجلا قويا ذو بأس شديد فقد ضبط أمور الدولة وحارب كل الخارجين عليه وقضى عليهم جميعا، وكان يملك جيشا قويا وجد منظما، واصبحت له قوة عسكرية مهمة يضرب لها الف حساب وخاصة من الايالة التركية بالجزائر، ايضا هو احس بهذه القدرة العسكرية وقرر ان يغزو شرق المغرب. بالفعل فقد وصل حتى نهر الشلف، وفي منتصف الليل انسل بنو عامر "هي من بعض القبائل العربية التي كانت في جيشه التي شجعته على الغزو شرقا" هاربين خوفا، وفي الصباح انصرف بقية العرب، ولم يبق مع السلطان إلا جنده الذي جاء به من المغرب، ولم تقع الحرب بينه وبين الترك وكفى الله المؤمنين القتال، وكاتبه الترك في ان يتخلى لهم عن بلادهم ويقف عند حدود اسلافه الذي هو وادي تافنا ومن كان قبله من ملوك السعديين، وذكروه بالعهد الذي كان مع أخيه المولى محمد بن الشريف.
إن هذا الالتماس التركي من المولى اسماعيل إن دل على شئ فانما يدل على ان الاتراك اصبحوا يقدرون نفوذ المولى إسماعيل على المغرب الاقصى عامة وعلى بلاد بني يزناسن خاصة، وعدم تفكيرهم مرة اخرى لضم هذه المنطقة أو إخضاعها لهم.
لقد إهتم المولى إسماعيل بمملكته اشد الاهتمام وأمنها وادخل الاستقرار فيها وحرص على ذلك اشد الحرص، وحارب القبائل التي لم تدخل في حكمه وأوقع بهم اشد الايقاع مثل ما فعل ببني يزناسن، والعجيب في الامر انه أخذ من القبائل خيلها وسلاحها واعطاها الارض وادوات الزرع ليحولهم الى فلاحين. وهكذا حول الامازيغ والعرب من محاربين إلى مزارعين مستقرين خاضعين، ثم انشأ جيشا قويا من الودايا وعبيد البخاري من السود، وفرقهم في نواحي البلاد، وابتنى لهم القلاع لكي يضمن الاستقرار والهدوء في دولته، هذا العمل يعتبر من الاعمال التنظيمية المتميزة التي قام بها المولى إسماعيل لكي يحافظ على الاستقرار والامن.
إن بني يزناسن لم ينزلوا على حكم المولى اسماعيل بسهولة لانهم كانوا يومئذ منحرفين عن الدولة ومتمسكين بدعوة الترك، من اجل هذا و في سنة 1090هــ/1679م امر المولى إسماعيل بنقل عرب زرارة والشبانات قوم كروم الحاج من الحوز الى وجدة، لما كانوا عليه من الظلم والفساد في تلك البلاد فانزلهم بوجدة وولى عليهم أبا البقاء العياشي بن الزويعر الزراري، وتقدم اليه في التضييق على بني يزناسن، فكان زرارة والشبانات يغيرون عليهم ويمنعوهم من الحرث ببسيط آنكاد، وأمر السلطان بأن تبني عليهم قلاعا ثلاث بالرقادة (عين الركادة حاليا)، وبشراعة، وببوغريبة ) قرب مدينة أكليم) ، وأمر القائد العياشي أن ينزل بكل قلعة 500 فارس من إخوانه يمنعوهم النزول ببسيط تريفة والانتفاع به من حرث وغيره.
لم يكتفي المولى إسماعيل بتشييد القصبات الثلاث ـــ بوغريبة، شراعة والرڭادة ـــ للتضييق على بني يزناسن، بل بنا لهم قصبة رابعة بسلوان نواحي مدينة الناظور من اجل مراقبتهم والتحكم فيهم.
وفي سنة 1091هـ/1680م، خرج السلطان قاصدا بني يزناسن الذين تمادوا في العصيان فاقتحم عليهم جبلهم واوقع بهم اشد الايقاع فطلبوا منه الامان فامنهم على ان يدفعوا الخيل والسلاح التي عندهم وأخضعهم قهرا.
وفي سنة 1093هــ/1682م بلغ المولى اسماعيل ان الترك استولوا على بني يزناسن، وعلى دار ابن مشعل، ثم خرج لمصادمتهم فوجدهم قد رجعوا إلى بلادهم .
إستقامت الامور ببني يزناسن في ظل حكم المولى اسماعيل، لكن بعد وفاته سنة 1727 تنازع امراء الاسرة المالكة على السلطة فعمت الفوضى بني يزناسن مما ادى الي تدخل الاتراك من جديد والاستيلاء على المنطقة من جديد الى حين مجيء المولى عبد الرحمان سنة 1822 الذي سيخصها بمزيد من الاعتناء .
ومازالت الذاكرة الجماعية ببني يزناسن تحتفظ من خلال الروايات الشفوية مافعله المولى اسماعيل بقبيلة بني عتيق (آث حديق ( بالمحل المسمى حاسي النخلة بدوار بني عمير، هذه الروايات تذكر ان آخر القلاع التي استعصت على السلطان اسماعيل في آيت يزناسن قبيلة بني عتيق نتيجة بسالتها وصعوبة تضاريس المنطقة، فحاصرها لمدة تناهز العشر سنين فكان جنوده يتضورون جوعا مما اظطرهم الى اكل أعشاب الارض كحيوانات الغاب. فاشارت عجوز حكيمة على رؤوس بني عتيق بأن يعلفوا بقرة بالشعير ويخلوا سبيلها في واد زڭزل، حيث كان عسكر السلطان فلما وجدوها عقروها وعثروا على الشعير في بطنها وانتشر الخبر كالنار في الهشيم ووصل الخبر السلطان، القوم يطعمون ماشيتهم الشعير وجنود السلطان يأكلون حشيش اﻻرض انا لمغلوبون لا محالة. هكدا افتى مستشاري السلطان عليه بالصلح مع قبيلة بني عتيق وثم دلك بوساطة ورعاية اشراف ايحوفاين وحددوا المكان بئر ميضرا "أنو نميضرا" حيث يتم الصلح واﻻحتفال معا جنبا إلى جنب شريطة أن تكون الأسلحة خالية من البارود، وفي المساء بينما كان الجميع يحتفل بالإتفاق باغثهم جند المولى إسماعيل باسلحته المملوءة بالبارود، وغدر بهم فكانت أكبر مجزرة وخديعة عرفها ايت يزناسن، ودفن الجميع في نفس المكان انو نميضرا بالمئات ربما الاﻻف.
وفي رمضان من سنة 1129هــ/1717م بعث والي وجدة إلى إِلَى الحضرة السلطانية مائَة رَأس من رُؤُوس بني يزناسن كإجراء تأديبي لعصيانهم .
لما توفي المولى الرشيد سنة 1082هــ/1671م انعقدت البيعة لأخيه المولى إسماعيل الذي كان مقيما في مكناسة الزيتون واليا لاخيه الرشيد على بلاد الغرب، و يعتبر رجلا قويا ذو بأس شديد فقد ضبط أمور الدولة وحارب كل الخارجين عليه وقضى عليهم جميعا، وكان يملك جيشا قويا وجد منظما، واصبحت له قوة عسكرية مهمة يضرب لها الف حساب وخاصة من الايالة التركية بالجزائر، ايضا هو احس بهذه القدرة العسكرية وقرر ان يغزو شرق المغرب. بالفعل فقد وصل حتى نهر الشلف، وفي منتصف الليل انسل بنو عامر "هي من بعض القبائل العربية التي كانت في جيشه التي شجعته على الغزو شرقا" هاربين خوفا، وفي الصباح انصرف بقية العرب، ولم يبق مع السلطان إلا جنده الذي جاء به من المغرب، ولم تقع الحرب بينه وبين الترك وكفى الله المؤمنين القتال، وكاتبه الترك في ان يتخلى لهم عن بلادهم ويقف عند حدود اسلافه الذي هو وادي تافنا ومن كان قبله من ملوك السعديين، وذكروه بالعهد الذي كان مع أخيه المولى محمد بن الشريف.
إن هذا الالتماس التركي من المولى اسماعيل إن دل على شئ فانما يدل على ان الاتراك اصبحوا يقدرون نفوذ المولى إسماعيل على المغرب الاقصى عامة وعلى بلاد بني يزناسن خاصة، وعدم تفكيرهم مرة اخرى لضم هذه المنطقة أو إخضاعها لهم.
لقد إهتم المولى إسماعيل بمملكته اشد الاهتمام وأمنها وادخل الاستقرار فيها وحرص على ذلك اشد الحرص، وحارب القبائل التي لم تدخل في حكمه وأوقع بهم اشد الايقاع مثل ما فعل ببني يزناسن، والعجيب في الامر انه أخذ من القبائل خيلها وسلاحها واعطاها الارض وادوات الزرع ليحولهم الى فلاحين. وهكذا حول الامازيغ والعرب من محاربين إلى مزارعين مستقرين خاضعين، ثم انشأ جيشا قويا من الودايا وعبيد البخاري من السود، وفرقهم في نواحي البلاد، وابتنى لهم القلاع لكي يضمن الاستقرار والهدوء في دولته، هذا العمل يعتبر من الاعمال التنظيمية المتميزة التي قام بها المولى إسماعيل لكي يحافظ على الاستقرار والامن.
إن بني يزناسن لم ينزلوا على حكم المولى اسماعيل بسهولة لانهم كانوا يومئذ منحرفين عن الدولة ومتمسكين بدعوة الترك، من اجل هذا و في سنة 1090هــ/1679م امر المولى إسماعيل بنقل عرب زرارة والشبانات قوم كروم الحاج من الحوز الى وجدة، لما كانوا عليه من الظلم والفساد في تلك البلاد فانزلهم بوجدة وولى عليهم أبا البقاء العياشي بن الزويعر الزراري، وتقدم اليه في التضييق على بني يزناسن، فكان زرارة والشبانات يغيرون عليهم ويمنعوهم من الحرث ببسيط آنكاد، وأمر السلطان بأن تبني عليهم قلاعا ثلاث بالرقادة (عين الركادة حاليا)، وبشراعة، وببوغريبة ) قرب مدينة أكليم) ، وأمر القائد العياشي أن ينزل بكل قلعة 500 فارس من إخوانه يمنعوهم النزول ببسيط تريفة والانتفاع به من حرث وغيره.
لم يكتفي المولى إسماعيل بتشييد القصبات الثلاث ـــ بوغريبة، شراعة والرڭادة ـــ للتضييق على بني يزناسن، بل بنا لهم قصبة رابعة بسلوان نواحي مدينة الناظور من اجل مراقبتهم والتحكم فيهم.
وفي سنة 1091هـ/1680م، خرج السلطان قاصدا بني يزناسن الذين تمادوا في العصيان فاقتحم عليهم جبلهم واوقع بهم اشد الايقاع فطلبوا منه الامان فامنهم على ان يدفعوا الخيل والسلاح التي عندهم وأخضعهم قهرا.
وفي سنة 1093هــ/1682م بلغ المولى اسماعيل ان الترك استولوا على بني يزناسن، وعلى دار ابن مشعل، ثم خرج لمصادمتهم فوجدهم قد رجعوا إلى بلادهم .
إستقامت الامور ببني يزناسن في ظل حكم المولى اسماعيل، لكن بعد وفاته سنة 1727 تنازع امراء الاسرة المالكة على السلطة فعمت الفوضى بني يزناسن مما ادى الي تدخل الاتراك من جديد والاستيلاء على المنطقة من جديد الى حين مجيء المولى عبد الرحمان سنة 1822 الذي سيخصها بمزيد من الاعتناء .
ومازالت الذاكرة الجماعية ببني يزناسن تحتفظ من خلال الروايات الشفوية مافعله المولى اسماعيل بقبيلة بني عتيق (آث حديق ( بالمحل المسمى حاسي النخلة بدوار بني عمير، هذه الروايات تذكر ان آخر القلاع التي استعصت على السلطان اسماعيل في آيت يزناسن قبيلة بني عتيق نتيجة بسالتها وصعوبة تضاريس المنطقة، فحاصرها لمدة تناهز العشر سنين فكان جنوده يتضورون جوعا مما اظطرهم الى اكل أعشاب الارض كحيوانات الغاب. فاشارت عجوز حكيمة على رؤوس بني عتيق بأن يعلفوا بقرة بالشعير ويخلوا سبيلها في واد زڭزل، حيث كان عسكر السلطان فلما وجدوها عقروها وعثروا على الشعير في بطنها وانتشر الخبر كالنار في الهشيم ووصل الخبر السلطان، القوم يطعمون ماشيتهم الشعير وجنود السلطان يأكلون حشيش اﻻرض انا لمغلوبون لا محالة. هكدا افتى مستشاري السلطان عليه بالصلح مع قبيلة بني عتيق وثم دلك بوساطة ورعاية اشراف ايحوفاين وحددوا المكان بئر ميضرا "أنو نميضرا" حيث يتم الصلح واﻻحتفال معا جنبا إلى جنب شريطة أن تكون الأسلحة خالية من البارود، وفي المساء بينما كان الجميع يحتفل بالإتفاق باغثهم جند المولى إسماعيل باسلحته المملوءة بالبارود، وغدر بهم فكانت أكبر مجزرة وخديعة عرفها ايت يزناسن، ودفن الجميع في نفس المكان انو نميضرا بالمئات ربما الاﻻف.
وفي رمضان من سنة 1129هــ/1717م بعث والي وجدة إلى إِلَى الحضرة السلطانية مائَة رَأس من رُؤُوس بني يزناسن كإجراء تأديبي لعصيانهم .
المولى عبد الرحمن بن هشام 1238ـــ1276هــ/ 1822ـــ1859م
بويع المولى عبد الرحمن بعد وفاة عمه المولى اسماعيل بن محمد سنة 1238هــ/ 1822م. كانت المنطقة الشرقية وبني يزناسن تعج بالفتن والاضطرابات، لذا قرر السلطان عبد الرحمن تولية ابن عمه المولى محمد بن الطيب على وجدة وكان قبل ذلك واليا على فاس ثم بعد ذلك واليا على قبائل تامسنا ودكالة وكانت فيه قسوة وشدة، لكن ولايته لم تدم طويلا ولم تكن ذا نتيجة تذكر .
كانت مناطق المغرب الشرقي وبني يزناسن من اهم الولايات عند السلطان وكان يخصها بمزيد من الاعتناء لانها ثغر من الثغور متاخمة للاتراك في الجزائر، وبما أن هذه المناطق متنوعة جدا من حيث التركيبة السكانية وكثرة قبائلها من عرب و امازيغ وتعدد عصبياتهم، فكر السلطان ان يولي عليهم ابي العلاء إدريس الجراري الذي قام بالامر أحسن قيام ورد الامور إلى نصابها لانه كان يتسم بجودة الرأي وكان يعرف كيف يدير الامور وذلك كان عام 1243 هـ/ 1827م .
وفي رمضان من هذه السنة قام السلطان المولى عبد الرحمن بزيارة تفقدية إلى وجدة، ولما حضر عيد الفطر وفد على السلطان جماعة من بني يزناسن وعرب آنكاد فرحب بهم واكرم وفادتهم، فشكوا اليه قلة الخصب فصده ذلك عن المسير الى أرضهم ووعدهم بزيارة ثانية في العام المقبل .