الحسن الاول 1873 ــ 1894م
بويع المولى الحسن سنة 1290هــ/1873م في مراكش، فلما كان مقيما في فاس ظهر في وجدة رجل يقال له ابو عزة الهبري من هبرة بطن من سويد وهو من عرب بني مالك بن زغبة الهلاليين، وكان يتعاطى بعض السحر والشعوذة وتبعه جمع من ذوي العقول الضعيفة، فنهض السلطان متوجها اليه في جيش جد مستعد وكان ذلك عام 1291هــ/ 1874م، ثم قبض على عدد من اصحابه وقطعت رؤوس منهم، ثم رد بعض القبائل عن غيها ثم جاءوه تائبين طائعين خاضعين واظهروا حسن الطاعة والامتثال، ثم قبض على الهبري من طرف جماعة من بني كلال في تاوريرت وجيئ به أسيرا ثم أمر به إلى فاس فسجن بها.
وبقصبة سلوان حضر بَنو يزناسن وَمَعَهُمْ كَبِيرهمْ الْحَاج مُحَمَّد بن البشير بن مَسْعُود (1)، وولاه السلطان قائدا كبيرا على بني يزناسن وعاملا على وجدة خلفا للعامل عبد القادر بن الحسين. كان هذا الرجل أي الحاج محمد طموحا محبا للمجد والتألق وكان يريد ان يعزل عامل وجدة عن الدور السياسي ، وقد حصل الزعيم الوريمشي على مبتغاه، إن تولية الحاج محمد بن البشير عاملا على وجدة لم تلق ترحابا بل معارضة كل من بني ادرار بزعامة الحاج محمد الزعيمي واهل انكاد الذين عقدوا ميعادا على مقربة من واحة سيدي يحيى يوم 20 نونبر 1874م مع قبيلة لمهاية التي انضمت اليهم، ووقعت حروب متطاحنة بين الطرفين مما ادى الى تدخل المولى الحسن، فعقد لاخيه علي على جيش واضاف اليه القائد ابا زيد عبد الرحمن بن الشليح الزراري ــ عامل مدينة تازة ــ وبعثهما إلى وجدة، وكان اهل وجدة يكرهون ولاية ولد البشير عليهم ويحبون ولاية ابن الشليح إذ كان له وسيط في تلك الناحية وربما كانت له مراسلات مع عرب آنكاد، ولما أحس ولد البشير بذلك إنصبغت العداوة بينه وبين ابن الشليح، فقامت قيامة ولد البشير وعلم انه لايصفو له عيش معه، فعزم على أن يطرده عن تلك البلاد ويرده من حيث جاء، ولما قرب ابن الشليح من ارضه إنسبت الحرب بينهما، وكان غرض محمد بن البشير ان يضم اخا السلطان ويقربه اليه ويقوم بخدمته ويطرد عدوه ابن الشليح، ثم وقعت الحرب وانهزم الجيش وانتهبت المحلة، وعاد ابن الشليح إلى السلطان واخبره الخبر، وعلى إثر ذلك كتب محمد بن البشير الى السلطان يعلمه بانه لازال على الطاعة لم يبدل ولم يغير واخبره بان الذين انتهبوا المحلة هم من السفهاء وانه حدث ذلك من غير اذنه ولا موافقته على ذلك.
وفي سنة 1293هــ/ 1876م خرج السلطان قاصدا وجدة وبني يزناسن، فلما وصل تلقاه بنو يزناسن خاضعين تابعين فعفا عنهم لكونهم ثغر من ثغور المسلمين، وقبض على محمد بن البشير وعلى صهره علي بن رمضان الوجدي، وأُرسلا معا الى سجن فاس، ثم نقلا إلى مراكش، حيث من عليهم السلطان بالاقامة بعد ان اعطى كل واحد منهما جارية واجرى النفقة الكافية عليهما إلى أن ماتا، وقد توفي الحاج محمد بن البشير حوالي سنة 1883، أما علي بن رمضان الوجدي فقد تأخرت وفاته إلى سنة 1895، وقبل وفاة هذا الاخير بسنوات معدودة، إتصل ببعض قواد بني يزناسن قصد استعطاف السلطان لإطلاق سراحه مقابل قدر من المال، إلا ان ذالك لم يتحقق.
إن ما قام به ابن البشير ليس شق عصا الطاعة ولم يخرج عن السلطان بل كانت نيته هو ابعاد ابن الشليح فقط، فهو معروف عنه انه مخلص لدينه ووطنه ووملكه، ولكن تفكيره خانه أو تأثر بمشورة حاشيته التي أدت به إلى هذه النهاية المحزنة، فالواجب عليه ان يرضخ لأمر السلطان وان كان فيه عزله.
وبعد القبض على الحاج محمد بن البشير وارساله مسجونا إلى فاس تفرقت كلمة أولاد البشير وتشتت جمعهم ونهب قصرهم ببرديل ودمر. و في هذا الصدد نظم الفقيه ابو محمد السيد العربي بن علي المشرفي شعرا يمدح فيه المولى الحسن الاول نقتصر فيه على جزء منه إذ يقول:
وَلَا مَنْ جَرَّ الْجُنُودَ مِنْ بَنِي وِرِمْشٍ وَبَاتَ الرَّئِيسُ في قُيُودٍ الاْدَاهِمِ
وَخَرَّبَ دَارَ ابْنِ الْبَشِيرِ وَرَهْطِهِ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لِحَدَّ ابْنِ وَاشِمٍ
وبعد نكبة الحاج محمد بن البشير، شرد السلطان عشيرته واهله، ففر البعض منهم الى تلمسان منهم نجله الحاج محمد الصغير، وتوجه البعض الاخر الى فاس في انتظار عفو السلطان، وفي سنة 1879 امر السلطان قواد بني يزناسن اخراج من تبقى من اولاد البشير بالجبل وتوجيهم للاعتاب الشريفة بفاس. وقد عفا السلطان عنهم سنة 1886، وعين الحاج محمد الصغير بن الحاج محمد بن البشير او مسعود قائدا على قبيلة بني وريمش.
واعتبر البعض هذا التعيين محاولة من المخزن المركزي من أجل الحفاظ على توازن القوة والمفوذ بين قواد قبائل بني يزناسن، في وقت أخذ نفوذ القائد بولنوار الهبيل يتعاظم إلى جانب القائد بوبكر المهياوي.
وكثير من كبار القوم ببني يزناسن، لم ينظروا إلى رد الاعتبار لأولاد البشير بعين الرضي ، خصوصا بعد حصول محمد الصغير على ظهير القيادة ، فقد اشعل هذا القرار نار المنافسة بين قواد بني يزناسن ، حيث حاول محمد الصغير الاستفادة من أمجاد اولاد البشير السابقة ، فتصدّر المجالس ، وصار يُشار إليه بالبنان، ويُخاطَب في الرسائل بعبارات التقدير والتبجيل من قبيل :
" المُحِبّ الأمجد ، الفاضل الأسعد ، الخيّر الرئيس، القائد الحاج محمد بن البشير اليزناسني... "
بل صار البعض يتشفّع به لدى السلطان ، وكان ذلك حال صهر والده علي بن رمضان الوجدي ، الذي ظل قابعا بمراكش في شبه إقامة جبرية ، فخاطبه بالعبارات التالية :
" ... والآن فـنـريد من سيادتـك ألا تـقصّر في جانبنا ...، ويصلك داخله بطاقة وجّهْها للفقيه بارك الله لنا فيك وفي ذريتك ومتّعنا بحياتك ، والآن سيدي خذ بيدنا أخذ الله بيدك ، فها نحن محترمون بذريتك بارك الله فيهم ، وانظر فينا وجه الله ووجه الدم والمصاهرة ... "
وسرعان ما تحولت المنافسة على الزعامة إلى تحزّب بين قبائل بني يزناسن وأهل أنجاد ضد الحاج محمد الصغير، حيث لم يعترفوا بظهير التولية المنعم به عليه ، بل إن إخوانه من قبيلة بني وريمّش أنفسهم، قاتلوه وأخرجوه من الوطن ، فلجأ مرة أخرى إلى غرب الجزائر هربا منهم .
وازداد التوتر بين قبائل بني يزناسن عقب وفاة السلطان مولاي الحسن في شهر يونيو 1894 ، حيث أصبح القائد بولنوار الهبيل هو صاحب الكلمة النافذة ضدا على عامل وجدة ، فقرر الصدر الأعظم احمد بن موسى(2) تعيين إدريس بن يعيش عاملا على وجدة وأحوازها ، فتحزبت القبائل ضده وطاردته داخل التراب الجزائري ، مما كان سببا في إعفائه من منصبه .
وقبل ذلك بقليل عانى محمد الصغير من هذا التحالف القبلي، فبعث إلى احمد بن موسى رسالة تظلم ، نقتطف منها هذه المقاطع :
" حَفِظَ اللهُ بِمنّهِ مَقامَ الرئيسِ الأسْعدِ وزِيرِ سيّدِنا الفقيهِ العَلاّمَةِ والحَبْرِ الفهّامَةِّ ِ سيدي أحمد بن موسى ... ، وما يجب به إعْلامُ سيدنا من هاذه ( كذا ) الوطنِ على ما هُمْ عليه من اللُّفُوفِ الشيطانية التي نهى الله عليها وسيدنا المقدس برحمة الله ، ولن يحصل منهم طائل للخدمة الشريفة، وسبب فساد كلمة المَخْزانية... حمّادَة البُوزكـَّاوي وعـبد القادر بوتـرفاس النجادي وبلَنـوار العـتـيقي التغاسروتي وما يليهم من حزبهم الشيطاني...، فعكسوا ما أمرهم به سيدنا وصاروا يشـدّ ( كذا) العضد للفسّاد المنحرفين عن عمالهم ، ويقلبون الحقائق لسيدنا...، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فنحن كرهونا وبغضونا هاذه ( كذا ) العمال من جانب خدمتنا الصادقة مع سيدنا ولم نتبعهم في اللف الشيطاني ، ورجعوا علينا وقطعوا أشجارنا وخرّبوا ديارنا وأخذوا أثاثنا...، ونحن على ما تعاهدنا به معك في النزول في المحل الذي تكرّم به علينا سيدنا بمدينة فاس...، ونحبك لا تقبل فينا كلام الوشات ( كذا ) والحاسدين الذين لا يريدون إلا فسادا..." .
يتبين من هذا الخطاب مدى اليأس الذي بلغ حده بالحاج محمد الصغير ، حيث وقع التضييق عليه بموطنه كما وقع لوالده إبان نكبته ، فصار خصومه يوسوسون حاشية السلطان ضده ، وصادف الحال أن محمد الصغير كان من المتعلقين بآل الجامعي ، الذين كانت لهم حظوة كبيرة لدى السلطان المتوفى مولاي الحسن ، غير أنهم عارضوا بيعة عبد العزيز، فنكبهم الصدر الأعظم شر نكبة ، فصار محمد الصغير من المغضوب عليه بحكم ولائه وتعـلقة بأولاد الجامعي ، وكان من المؤمل حسب وعد السلطان المتوفي الإنعام عليه بالسكنى بفاس . وزاد من متاعبه أنه كان فارغ الوفاض ، ولم يستطيع تقديم هدية تليق بمقام السلطان وتشرف مكانته ، فما أن وفد إلى فاس بهدف تهنئة السلطان الجديد ، حتى القي عليه القبض وأودع بالسجن في بداية سنة 1895 .
دامت محنة محمد الصغير إلى نهاية سنة 1902 عقب قيام ثورة الروكَي بوحمارة ، الذي انتصب سلطانا بتازة ، والتفت حوله جموع كثيرة من القبائل في بداية أمره ، حيث انتحل اسم مولاي مَحمد بن مولاي الحسن ، وادعى أنه صنو السلطان عبد العزيز ، الذي استولى على مُلك أبيه ، وأذاع الثائر بين الناس موالاة السلطان ومخزنه للكفار ورغبتهم في نقل نظمهم وعاداتهم وإدخالها إلى المغرب ، وتعززت دعوته برفض الإصلاح الجبائي المشهور باسم " الترتيب " .
وما أن اقترب الثائر من " عمالة وجدة " في مستهل سنة 1903، حتى وقعت القبائل في حيرة من أمرها ، البعض منها تمسك بالمخزن العزيزي ، والبعض الآخر ناصر الثائر ، وتبعا لذلك انقسمت قبائل بني يزناس : جزء منها آزر " الفتـّان "، وقسم آخر، تشبّث ببيعة السلطان عبد العزيز .
في سياق هذه الفتنة ، اتجهت أنظار المخزن العزيزي إلى أسرة اولاد البشير لإبقاء قبائل بني يزناسن على الطاعة للسلطان الشرعي ، وفي هذا الإطار عمد السلطان إلى الإفراج عن محمد الصغير المعتقل بسجن فاس منذ سنة 1895 ، وعيّنه قائدا على كافة بني يزناسن وأكرمه بفرس وخيمة مخزنية في نهاية سنة 1902 ، والتزم محمد الصغير بالولاء للسلطان عبد العزيز والعمل على تمتين الروابط بين القبائل اليزناسنية والمخزن الشرعي . غير أن المنافسة على الزعامة أثارت ضده معارضة شديدة ، تزعمها القائد بولنوار الهبيل قائد قبيلة بني عتيق ، الذي اعتبر الحاج محمد الصغير ـ القائد الجديد ـ منافسا خطيرا له بين قبائل بني يزناسن ، فعارض القرار المخزني ، واستخدم كل طاقته لعرقلة عودته إلى موطنه ، وكان آنذاك بولنوار الهبيل مترددا بين التزام الطاعة والولاء للسلطان عبد العزيز أو الانحياز إلى دعوة الروكَي بوحمارة . فتجددت العداوة بين الرجلين ، بعد أن تمنّع بولنوار الهبيل من الصلح، وحينئذ نزل من قرية تغاسروث مقر اقامته يوم السبت سابع من شهر شوال من سنة 1902، قاصدا حرب الحاج محمد الصغير، إلتقى الجمعان في معركة قرب مدينة بركان أمام قبة سيدي المخفي قتل فيها القائد بولنوار برصاصة خرجت من جيش محمد الصغير وتزعزع الجيش واضطرب وانهزم شر هزيمة.
وظل محمد الصغيرقائدا على بني يزناسن إلى أن وافته المنية حوالي سنة 1906 ، فبادر نجله المنصوري إلى طلب خلافته في منصب القيادة ، غير أنه صادف أحداثا طارئة وخطيرة كان لها تأثيرها البالغ على شرق المغرب ، بل على البلاد بأكملها ، والمقصود بذلك احتلال وجدة في 29 مارس 1907، ثم زحْف القوات الفرنسية نحو جبال بني يزناسن لتمهيدها. فاتهم المنصوري قائد الجيوش المخزنية المخيمة غرب وادي ملوية ( عبد الرحمان بن عبد الصادق ) بالتماطل في تمكينه من ظهير التولية على إخوانه ، وكشفت الأحداث اللاحقة عن تمتيعه بالظهير المذكور ـ فكان خير خلف لخير سلف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): بعد مقتل الحاج ميمون بن البشير خلفه اخوه الحاج محمد بن البشير على قيادة بني يزناسن. وفي 23 ــ 7ــ 1864م اغار بنو يزناسن على لمهاية باحواز وجدة في الوقت الذي كانت جماعة من اعيان هؤلاء تتفاوض مع عامل المدينة أحمد بن الداودي في شأن إغتيال الحاج ميمون. وبما ان هذه المفاوضات لم تسفر عن اي نتيجة ايجابية التجأت 150 خيمة من لمهاية الى الجزائر حتى صيف 1866م حيث استجاب ابوبكر لمهياوي قائد لمهاية لطلب احالة العيد بن بوجمعة قاتل الحاج ميمون على القضاء ومغادرة التراب الجزائري.
الحاج محمد بن البشير بن مسعود الوريمشي البوخريصي اليزناسني من قسم بني وريمش من القبيلة الكبرى لبني يزناسن، وفرقته الكبرى تدعى أولاد بوخريص، والعائلة الصغيرة تدعى أولاد البشير أمسعود. كان يسكن قصرا ببرديل نواحي تافوغالت ومازال أنقاضه موجودا إلى الآن، ومن أولاده الحاج محمد الصغير ومن ولد هذا الاخير الحاج محمد المنصوري، وقد كان الحاج محمد بن البشير أحد الابطال العظام في بني وريمش وفي جميع أنحاء المغرب الشرقي، له خبرة بالحرب، ونجدة عجيبة، وبعد نظر، وسعة صدر. بالاضافة الى تعففه عن اموال الناس وممتلكاتهم. كان يتوفر على صفات الرجولة، وقد ورث عنه أبناءه وحفدته هذه الصفات، كان معروفا بشدة تعلقه بشؤون دينه، ولم يعرف عنه انه استغنى بزعامته باستغلال نفوذها، فقد مات رحمه الله ولم يخلف شيئا يذكر، بل حتى قصره لا يلوح بما تلوح به القصور من آيات الثراء و النعمة. ومن البديهي ان يكون له مساعدون كثر تتسم بينهم وبينه صفات الاخوة والمواساة والاحترام ربما لعبوا دورا مهما وكبيرا لوصوله الى زعامة بني يزناسن.
(2): أحمد بن موسى الشرقي البخاري المعروف ب باحماد من مواليد 1840م بمراكش. هو حاجب السلطان الحسن الأول ثم كبير وزراء السلطان عبد العزيز. يعتبر واحدا من الشخصيات المهمة والمؤثرة في تاريخ الإيالة الشريفة المغربية لدوره في تسيير البلاد في عهد السلطان مولاي عبد العزيز.وكان هو من يمسك بخيوط تسيير السلطان الصغير. عرف بقسوته وحبه للسلطة. وفي عهده قويت السيبة بشكل كبير في المغرب. كان غنيا للغاية وبنا قصر الباهية في مراكش الذي لا زال مزارا لآلاف الزوار والسياح سنويا. وُصف ابا حماد بالحرص على العبادة، كما وصف بالدهاء، واعترف له الجميع بالخبرة الواسعة في تدبير شؤون الحكم وبالتكتم في القرارات والمهارة في استغلال التنافس بين القبائل والتنظيمات الدينية، وكان شغوفا بممارسة الحكم، حريصا على ضمان تأييد الأعيان في المدن وخاصة العلماء في كل من فاس ومراكش ومكناس. وكان قاسيا لا يعرف الشفقة بأحد إذا هُددت مصالح الدولة، وكان بالرغم من نوازعه الشخصية رجل دولة مرموقا، اجتهد طيلة حياته في صون استقلال بلاده الذي بات مهددا بعد وفاة السلطان مولاي الحسن. دخلت الدولة في حالة من الفوضى بعد وفاته سنة1900م بمراكش.
بويع المولى الحسن سنة 1290هــ/1873م في مراكش، فلما كان مقيما في فاس ظهر في وجدة رجل يقال له ابو عزة الهبري من هبرة بطن من سويد وهو من عرب بني مالك بن زغبة الهلاليين، وكان يتعاطى بعض السحر والشعوذة وتبعه جمع من ذوي العقول الضعيفة، فنهض السلطان متوجها اليه في جيش جد مستعد وكان ذلك عام 1291هــ/ 1874م، ثم قبض على عدد من اصحابه وقطعت رؤوس منهم، ثم رد بعض القبائل عن غيها ثم جاءوه تائبين طائعين خاضعين واظهروا حسن الطاعة والامتثال، ثم قبض على الهبري من طرف جماعة من بني كلال في تاوريرت وجيئ به أسيرا ثم أمر به إلى فاس فسجن بها.
وبقصبة سلوان حضر بَنو يزناسن وَمَعَهُمْ كَبِيرهمْ الْحَاج مُحَمَّد بن البشير بن مَسْعُود (1)، وولاه السلطان قائدا كبيرا على بني يزناسن وعاملا على وجدة خلفا للعامل عبد القادر بن الحسين. كان هذا الرجل أي الحاج محمد طموحا محبا للمجد والتألق وكان يريد ان يعزل عامل وجدة عن الدور السياسي ، وقد حصل الزعيم الوريمشي على مبتغاه، إن تولية الحاج محمد بن البشير عاملا على وجدة لم تلق ترحابا بل معارضة كل من بني ادرار بزعامة الحاج محمد الزعيمي واهل انكاد الذين عقدوا ميعادا على مقربة من واحة سيدي يحيى يوم 20 نونبر 1874م مع قبيلة لمهاية التي انضمت اليهم، ووقعت حروب متطاحنة بين الطرفين مما ادى الى تدخل المولى الحسن، فعقد لاخيه علي على جيش واضاف اليه القائد ابا زيد عبد الرحمن بن الشليح الزراري ــ عامل مدينة تازة ــ وبعثهما إلى وجدة، وكان اهل وجدة يكرهون ولاية ولد البشير عليهم ويحبون ولاية ابن الشليح إذ كان له وسيط في تلك الناحية وربما كانت له مراسلات مع عرب آنكاد، ولما أحس ولد البشير بذلك إنصبغت العداوة بينه وبين ابن الشليح، فقامت قيامة ولد البشير وعلم انه لايصفو له عيش معه، فعزم على أن يطرده عن تلك البلاد ويرده من حيث جاء، ولما قرب ابن الشليح من ارضه إنسبت الحرب بينهما، وكان غرض محمد بن البشير ان يضم اخا السلطان ويقربه اليه ويقوم بخدمته ويطرد عدوه ابن الشليح، ثم وقعت الحرب وانهزم الجيش وانتهبت المحلة، وعاد ابن الشليح إلى السلطان واخبره الخبر، وعلى إثر ذلك كتب محمد بن البشير الى السلطان يعلمه بانه لازال على الطاعة لم يبدل ولم يغير واخبره بان الذين انتهبوا المحلة هم من السفهاء وانه حدث ذلك من غير اذنه ولا موافقته على ذلك.
وفي سنة 1293هــ/ 1876م خرج السلطان قاصدا وجدة وبني يزناسن، فلما وصل تلقاه بنو يزناسن خاضعين تابعين فعفا عنهم لكونهم ثغر من ثغور المسلمين، وقبض على محمد بن البشير وعلى صهره علي بن رمضان الوجدي، وأُرسلا معا الى سجن فاس، ثم نقلا إلى مراكش، حيث من عليهم السلطان بالاقامة بعد ان اعطى كل واحد منهما جارية واجرى النفقة الكافية عليهما إلى أن ماتا، وقد توفي الحاج محمد بن البشير حوالي سنة 1883، أما علي بن رمضان الوجدي فقد تأخرت وفاته إلى سنة 1895، وقبل وفاة هذا الاخير بسنوات معدودة، إتصل ببعض قواد بني يزناسن قصد استعطاف السلطان لإطلاق سراحه مقابل قدر من المال، إلا ان ذالك لم يتحقق.
إن ما قام به ابن البشير ليس شق عصا الطاعة ولم يخرج عن السلطان بل كانت نيته هو ابعاد ابن الشليح فقط، فهو معروف عنه انه مخلص لدينه ووطنه ووملكه، ولكن تفكيره خانه أو تأثر بمشورة حاشيته التي أدت به إلى هذه النهاية المحزنة، فالواجب عليه ان يرضخ لأمر السلطان وان كان فيه عزله.
وبعد القبض على الحاج محمد بن البشير وارساله مسجونا إلى فاس تفرقت كلمة أولاد البشير وتشتت جمعهم ونهب قصرهم ببرديل ودمر. و في هذا الصدد نظم الفقيه ابو محمد السيد العربي بن علي المشرفي شعرا يمدح فيه المولى الحسن الاول نقتصر فيه على جزء منه إذ يقول:
وَلَا مَنْ جَرَّ الْجُنُودَ مِنْ بَنِي وِرِمْشٍ وَبَاتَ الرَّئِيسُ في قُيُودٍ الاْدَاهِمِ
وَخَرَّبَ دَارَ ابْنِ الْبَشِيرِ وَرَهْطِهِ كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ لِحَدَّ ابْنِ وَاشِمٍ
وبعد نكبة الحاج محمد بن البشير، شرد السلطان عشيرته واهله، ففر البعض منهم الى تلمسان منهم نجله الحاج محمد الصغير، وتوجه البعض الاخر الى فاس في انتظار عفو السلطان، وفي سنة 1879 امر السلطان قواد بني يزناسن اخراج من تبقى من اولاد البشير بالجبل وتوجيهم للاعتاب الشريفة بفاس. وقد عفا السلطان عنهم سنة 1886، وعين الحاج محمد الصغير بن الحاج محمد بن البشير او مسعود قائدا على قبيلة بني وريمش.
واعتبر البعض هذا التعيين محاولة من المخزن المركزي من أجل الحفاظ على توازن القوة والمفوذ بين قواد قبائل بني يزناسن، في وقت أخذ نفوذ القائد بولنوار الهبيل يتعاظم إلى جانب القائد بوبكر المهياوي.
وكثير من كبار القوم ببني يزناسن، لم ينظروا إلى رد الاعتبار لأولاد البشير بعين الرضي ، خصوصا بعد حصول محمد الصغير على ظهير القيادة ، فقد اشعل هذا القرار نار المنافسة بين قواد بني يزناسن ، حيث حاول محمد الصغير الاستفادة من أمجاد اولاد البشير السابقة ، فتصدّر المجالس ، وصار يُشار إليه بالبنان، ويُخاطَب في الرسائل بعبارات التقدير والتبجيل من قبيل :
" المُحِبّ الأمجد ، الفاضل الأسعد ، الخيّر الرئيس، القائد الحاج محمد بن البشير اليزناسني... "
بل صار البعض يتشفّع به لدى السلطان ، وكان ذلك حال صهر والده علي بن رمضان الوجدي ، الذي ظل قابعا بمراكش في شبه إقامة جبرية ، فخاطبه بالعبارات التالية :
" ... والآن فـنـريد من سيادتـك ألا تـقصّر في جانبنا ...، ويصلك داخله بطاقة وجّهْها للفقيه بارك الله لنا فيك وفي ذريتك ومتّعنا بحياتك ، والآن سيدي خذ بيدنا أخذ الله بيدك ، فها نحن محترمون بذريتك بارك الله فيهم ، وانظر فينا وجه الله ووجه الدم والمصاهرة ... "
وسرعان ما تحولت المنافسة على الزعامة إلى تحزّب بين قبائل بني يزناسن وأهل أنجاد ضد الحاج محمد الصغير، حيث لم يعترفوا بظهير التولية المنعم به عليه ، بل إن إخوانه من قبيلة بني وريمّش أنفسهم، قاتلوه وأخرجوه من الوطن ، فلجأ مرة أخرى إلى غرب الجزائر هربا منهم .
وازداد التوتر بين قبائل بني يزناسن عقب وفاة السلطان مولاي الحسن في شهر يونيو 1894 ، حيث أصبح القائد بولنوار الهبيل هو صاحب الكلمة النافذة ضدا على عامل وجدة ، فقرر الصدر الأعظم احمد بن موسى(2) تعيين إدريس بن يعيش عاملا على وجدة وأحوازها ، فتحزبت القبائل ضده وطاردته داخل التراب الجزائري ، مما كان سببا في إعفائه من منصبه .
وقبل ذلك بقليل عانى محمد الصغير من هذا التحالف القبلي، فبعث إلى احمد بن موسى رسالة تظلم ، نقتطف منها هذه المقاطع :
" حَفِظَ اللهُ بِمنّهِ مَقامَ الرئيسِ الأسْعدِ وزِيرِ سيّدِنا الفقيهِ العَلاّمَةِ والحَبْرِ الفهّامَةِّ ِ سيدي أحمد بن موسى ... ، وما يجب به إعْلامُ سيدنا من هاذه ( كذا ) الوطنِ على ما هُمْ عليه من اللُّفُوفِ الشيطانية التي نهى الله عليها وسيدنا المقدس برحمة الله ، ولن يحصل منهم طائل للخدمة الشريفة، وسبب فساد كلمة المَخْزانية... حمّادَة البُوزكـَّاوي وعـبد القادر بوتـرفاس النجادي وبلَنـوار العـتـيقي التغاسروتي وما يليهم من حزبهم الشيطاني...، فعكسوا ما أمرهم به سيدنا وصاروا يشـدّ ( كذا) العضد للفسّاد المنحرفين عن عمالهم ، ويقلبون الحقائق لسيدنا...، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فنحن كرهونا وبغضونا هاذه ( كذا ) العمال من جانب خدمتنا الصادقة مع سيدنا ولم نتبعهم في اللف الشيطاني ، ورجعوا علينا وقطعوا أشجارنا وخرّبوا ديارنا وأخذوا أثاثنا...، ونحن على ما تعاهدنا به معك في النزول في المحل الذي تكرّم به علينا سيدنا بمدينة فاس...، ونحبك لا تقبل فينا كلام الوشات ( كذا ) والحاسدين الذين لا يريدون إلا فسادا..." .
يتبين من هذا الخطاب مدى اليأس الذي بلغ حده بالحاج محمد الصغير ، حيث وقع التضييق عليه بموطنه كما وقع لوالده إبان نكبته ، فصار خصومه يوسوسون حاشية السلطان ضده ، وصادف الحال أن محمد الصغير كان من المتعلقين بآل الجامعي ، الذين كانت لهم حظوة كبيرة لدى السلطان المتوفى مولاي الحسن ، غير أنهم عارضوا بيعة عبد العزيز، فنكبهم الصدر الأعظم شر نكبة ، فصار محمد الصغير من المغضوب عليه بحكم ولائه وتعـلقة بأولاد الجامعي ، وكان من المؤمل حسب وعد السلطان المتوفي الإنعام عليه بالسكنى بفاس . وزاد من متاعبه أنه كان فارغ الوفاض ، ولم يستطيع تقديم هدية تليق بمقام السلطان وتشرف مكانته ، فما أن وفد إلى فاس بهدف تهنئة السلطان الجديد ، حتى القي عليه القبض وأودع بالسجن في بداية سنة 1895 .
دامت محنة محمد الصغير إلى نهاية سنة 1902 عقب قيام ثورة الروكَي بوحمارة ، الذي انتصب سلطانا بتازة ، والتفت حوله جموع كثيرة من القبائل في بداية أمره ، حيث انتحل اسم مولاي مَحمد بن مولاي الحسن ، وادعى أنه صنو السلطان عبد العزيز ، الذي استولى على مُلك أبيه ، وأذاع الثائر بين الناس موالاة السلطان ومخزنه للكفار ورغبتهم في نقل نظمهم وعاداتهم وإدخالها إلى المغرب ، وتعززت دعوته برفض الإصلاح الجبائي المشهور باسم " الترتيب " .
وما أن اقترب الثائر من " عمالة وجدة " في مستهل سنة 1903، حتى وقعت القبائل في حيرة من أمرها ، البعض منها تمسك بالمخزن العزيزي ، والبعض الآخر ناصر الثائر ، وتبعا لذلك انقسمت قبائل بني يزناس : جزء منها آزر " الفتـّان "، وقسم آخر، تشبّث ببيعة السلطان عبد العزيز .
في سياق هذه الفتنة ، اتجهت أنظار المخزن العزيزي إلى أسرة اولاد البشير لإبقاء قبائل بني يزناسن على الطاعة للسلطان الشرعي ، وفي هذا الإطار عمد السلطان إلى الإفراج عن محمد الصغير المعتقل بسجن فاس منذ سنة 1895 ، وعيّنه قائدا على كافة بني يزناسن وأكرمه بفرس وخيمة مخزنية في نهاية سنة 1902 ، والتزم محمد الصغير بالولاء للسلطان عبد العزيز والعمل على تمتين الروابط بين القبائل اليزناسنية والمخزن الشرعي . غير أن المنافسة على الزعامة أثارت ضده معارضة شديدة ، تزعمها القائد بولنوار الهبيل قائد قبيلة بني عتيق ، الذي اعتبر الحاج محمد الصغير ـ القائد الجديد ـ منافسا خطيرا له بين قبائل بني يزناسن ، فعارض القرار المخزني ، واستخدم كل طاقته لعرقلة عودته إلى موطنه ، وكان آنذاك بولنوار الهبيل مترددا بين التزام الطاعة والولاء للسلطان عبد العزيز أو الانحياز إلى دعوة الروكَي بوحمارة . فتجددت العداوة بين الرجلين ، بعد أن تمنّع بولنوار الهبيل من الصلح، وحينئذ نزل من قرية تغاسروث مقر اقامته يوم السبت سابع من شهر شوال من سنة 1902، قاصدا حرب الحاج محمد الصغير، إلتقى الجمعان في معركة قرب مدينة بركان أمام قبة سيدي المخفي قتل فيها القائد بولنوار برصاصة خرجت من جيش محمد الصغير وتزعزع الجيش واضطرب وانهزم شر هزيمة.
وظل محمد الصغيرقائدا على بني يزناسن إلى أن وافته المنية حوالي سنة 1906 ، فبادر نجله المنصوري إلى طلب خلافته في منصب القيادة ، غير أنه صادف أحداثا طارئة وخطيرة كان لها تأثيرها البالغ على شرق المغرب ، بل على البلاد بأكملها ، والمقصود بذلك احتلال وجدة في 29 مارس 1907، ثم زحْف القوات الفرنسية نحو جبال بني يزناسن لتمهيدها. فاتهم المنصوري قائد الجيوش المخزنية المخيمة غرب وادي ملوية ( عبد الرحمان بن عبد الصادق ) بالتماطل في تمكينه من ظهير التولية على إخوانه ، وكشفت الأحداث اللاحقة عن تمتيعه بالظهير المذكور ـ فكان خير خلف لخير سلف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): بعد مقتل الحاج ميمون بن البشير خلفه اخوه الحاج محمد بن البشير على قيادة بني يزناسن. وفي 23 ــ 7ــ 1864م اغار بنو يزناسن على لمهاية باحواز وجدة في الوقت الذي كانت جماعة من اعيان هؤلاء تتفاوض مع عامل المدينة أحمد بن الداودي في شأن إغتيال الحاج ميمون. وبما ان هذه المفاوضات لم تسفر عن اي نتيجة ايجابية التجأت 150 خيمة من لمهاية الى الجزائر حتى صيف 1866م حيث استجاب ابوبكر لمهياوي قائد لمهاية لطلب احالة العيد بن بوجمعة قاتل الحاج ميمون على القضاء ومغادرة التراب الجزائري.
الحاج محمد بن البشير بن مسعود الوريمشي البوخريصي اليزناسني من قسم بني وريمش من القبيلة الكبرى لبني يزناسن، وفرقته الكبرى تدعى أولاد بوخريص، والعائلة الصغيرة تدعى أولاد البشير أمسعود. كان يسكن قصرا ببرديل نواحي تافوغالت ومازال أنقاضه موجودا إلى الآن، ومن أولاده الحاج محمد الصغير ومن ولد هذا الاخير الحاج محمد المنصوري، وقد كان الحاج محمد بن البشير أحد الابطال العظام في بني وريمش وفي جميع أنحاء المغرب الشرقي، له خبرة بالحرب، ونجدة عجيبة، وبعد نظر، وسعة صدر. بالاضافة الى تعففه عن اموال الناس وممتلكاتهم. كان يتوفر على صفات الرجولة، وقد ورث عنه أبناءه وحفدته هذه الصفات، كان معروفا بشدة تعلقه بشؤون دينه، ولم يعرف عنه انه استغنى بزعامته باستغلال نفوذها، فقد مات رحمه الله ولم يخلف شيئا يذكر، بل حتى قصره لا يلوح بما تلوح به القصور من آيات الثراء و النعمة. ومن البديهي ان يكون له مساعدون كثر تتسم بينهم وبينه صفات الاخوة والمواساة والاحترام ربما لعبوا دورا مهما وكبيرا لوصوله الى زعامة بني يزناسن.
(2): أحمد بن موسى الشرقي البخاري المعروف ب باحماد من مواليد 1840م بمراكش. هو حاجب السلطان الحسن الأول ثم كبير وزراء السلطان عبد العزيز. يعتبر واحدا من الشخصيات المهمة والمؤثرة في تاريخ الإيالة الشريفة المغربية لدوره في تسيير البلاد في عهد السلطان مولاي عبد العزيز.وكان هو من يمسك بخيوط تسيير السلطان الصغير. عرف بقسوته وحبه للسلطة. وفي عهده قويت السيبة بشكل كبير في المغرب. كان غنيا للغاية وبنا قصر الباهية في مراكش الذي لا زال مزارا لآلاف الزوار والسياح سنويا. وُصف ابا حماد بالحرص على العبادة، كما وصف بالدهاء، واعترف له الجميع بالخبرة الواسعة في تدبير شؤون الحكم وبالتكتم في القرارات والمهارة في استغلال التنافس بين القبائل والتنظيمات الدينية، وكان شغوفا بممارسة الحكم، حريصا على ضمان تأييد الأعيان في المدن وخاصة العلماء في كل من فاس ومراكش ومكناس. وكان قاسيا لا يعرف الشفقة بأحد إذا هُددت مصالح الدولة، وكان بالرغم من نوازعه الشخصية رجل دولة مرموقا، اجتهد طيلة حياته في صون استقلال بلاده الذي بات مهددا بعد وفاة السلطان مولاي الحسن. دخلت الدولة في حالة من الفوضى بعد وفاته سنة1900م بمراكش.