الحاج ميمون بن البشير او مسعود قائد بني يزناسن
في سنة 1848 ذهب الحاج ميمون بن البشير(1) او مسعود * قائد بني يزناسن لاداء فريضة الحج، فخلفه اخوه محمد بن البشير الذي قام بالمعارضة من اجل إطلاق سراح الحاج محمد الزعيمي .
عاد الحاج ميمون ولد البشير زعيم بني يزناسن من الحج مستهل مارس من سنة 1849، كافح بعض الخارجين عليه الذين اغتنموا فرصة غيابه لتقويض نفوذه، لكن سرعان ما اعاد الامور الى نصابها. كان الحاج ميمون جنديا شجاعا، ذكيا، ذو حيوية وكان يتمتع بقدر كثير من السلطة بلا منازع، وكان يتولى بنفسه توزيع الضرائب والرسوم بجميع انواعها، وكان يقوم بهذه الاعمال بكل رعاية شخصية في جميع مناطق بني يزناسن وانكاد، وقد قيل انه في هذه الفترة كان نفوذه يمتد الى القبائل الصحراوية التابعة لامارة وجدة. فلقد كان يعتمد على قبيلته ــ بني وريمش ــ لتأكيد سلطانه بقوة السلاح واستمراره كقائد، واجبر كل بني يزناسن واهل انڭاد بالقوة على دفع الحصص التي عليهم، فاخضعوا له قهرا، وبهذا الفعل هنأه المولى عبد الرحمن سلطان البلاد(2).
ظلت العداوة قائمة بين بني يزناسن واهل انڭاد الذين كانوا في خلاف دائم مع الحاج ميمون ولد البشير، والخلاف بينهم مستمر رغم بعض مساعي الصلح التي كان يقوم بها بعض شيوخ الزوايا، و وصل الامر بزعيم بني يزناسن الى تهديد بحرق مدينة وجدة بسبب الدعم الذي قدمه السكان لاهل انڭاد(3). وفي هذا الصدد كاتب عامل وجدة حميدة بن علي الشجعي الوزير العربي بن المختار الجامعي في شأن الحاج ميمون الذي طغى وتجبر على حسب قوله وتسبب في صراعات قبلية وصل مداها الى ناحية الظهرا جنوب مدينة وجدة، وطلب منه ان يمده بالجيش لدحره (انظر الوثيقة رقم1 في أدنى الصفحة ) .
لكن الحاج ميمون تدارك الامر ورأى بأن الوقت مناسب لطلب العفو من السلطان (4)، فسافر إلى حضرة السلطان سنة 1851 واستقبله، وانعم عليه بالولاية على كل القبائل بين واد ملوية وخط الحدود. وبما ان القائد ميمون برهن على ولائه للمخزن بعدم ايواء الامير عبد القادر واعطاءه الملجأ الآمن بعد ابرام معاهدتي لالة مغنية وطنجة، لم يأخذ السلطان عبد الرحمن ماكتبه عامل وجدة في القائد ميمون مأخذ الجد .بل زاد نفوذه بالمنطقة الشرقية، واصبح ذا مشورة لدى عامل وجدة، فضلا عن عدم رفض طلبه في اطلاق سراح محمد الزعيمي من اهل تاغجيرت بقبيلة بني خالد بعد حوالي خمس سنوات قضاها بسجن فاس(5).
لكن قبائل بني يزناسن بزعامة الحاج ميمون بن البشير ظلت رافعة راية الجهاد، وكانت تدافع عن اراضيها ومراعيها وهذا في حد ذاته يعتبر واجبا يجب فعله. وقد ردت القوات الفرنسية على هذه العمليات الجهادية بحملات عسكرية عدوانية على بني يزناسن وبعض القبائل الاخرى اعوام 1852م، 1856م، و 1859م، حتى الدولة المغربية لم تحرك ساكنا واعتبرت هذه الحملات تأديبا للقبائل التي لم تلتزم ببنود المعاهدة المبرمة بين المغرب و فرنسا.
____________________
(1): ولد الحاج ميمون بن البشير بن مسعود الوريمشي سنة 1811م بقصر البشير او مسعود ببرديل ناحية تافوغالت وهو اخو الحاج محمد ابوهما هو البشير او مسعود البوخريصي الوريمشي الذي كان يحكم كل بني يزناسن، وكان له تأثير في كل البلاد. مع وفاة هذا الاخير سنة 1846م خلفه ابنه الحاج ميمون، لكن بني عتيق وبني منقوش وبني خالد لم يرضوا بهذا التنصيب واعلنوا العصيان ورفضوا دفع العشور والضرائب، فدعا (أي الحاج ميمون) قبيلته ــ بني وريمش ــ لرفع السلاح لتأكيد سلطانه واستمراره كقائد، واجبرهم بقوة السلاح على دفع الحصص التي عليهم، واجبر ايضا سكان انكاد فاخضعوا له قهرا، وبهذا الفعل هنأه المولى عبد الرحمن سلطان البلاد. وفي سنة 1848م ذهب القائد ميمون الى الحج، وحين عودته كافح بعض الخارجين عليه الذين اغتنموا فرصة غيابه لتقويض نفوذه، لكن سرعان ما اعاد الامور الى نصابها. كان الحاج ميمون جنديا شجاعا، ذكيا، ذو حيوية وكان يتمتع بقدر كثير من السلطة بلا منازع، وكان يتولى بنفسه توزيع الضرائب والرسوم بجميع انواعها، وكان يقوم بهذه الاعمال بكل رعاية شخصية في جميع مناطق بني يزناسن وانكاد، وقد قيل انه في هذه الفترة كان نفوذه يمتد الى القبائل الصحراوية التابعة لامارة وجدة. كان للحاج ميمون اعداء كثر نتيجة الصراع القبلي الذي كان بين بني يزناسن ولمهاية، فقام رجل من لمهاية يدعى العيد بن بوجمعة باغتياله يوم الرابع من شتنبر من سنة 1863م، فخلفه اخوه الحاج محمد بن البشير الذي سيتقوى مركزه في قومه فيما بعد.
*: مسعود هو جد البشيريين الذي هاجر من غريس ( بلدة جنوب مدينة معسكر بالجزائر بحوالي 20كلم) إلى بني يزناسن.
La guerre en Afrique : tactique des grosses colonnes, enseignement de l'expédition contre les Beni Snassen47 :(2)
(3):وجدة والعمالة لفوانو الجزء 2 الصفحة 85
(4): وجدة والعمالة لفوانو جزء 2 صفحة 105
(5): اولاد البشير او مسعود بين الزعامة القبلية والخدمة المخزنية لعكاشة برحاب ص: 12-13