الحاج محمد بن البشير على قيادة بني يزناسن
بعد مقتل الحاج ميمون بن البشير خلفه اخوه الحاج محمد بن البشير* على قيادة بني يزناسن، وفي اطار اخذه بثار اخيه المقتول غدرا ، جمع القائد جيشا عظيما قوامه 10.000 مقاتل و 600 فارس، وهاجم قبيلة لمهاية التي فرت نحو الجنوب (1). وفي 23 ــ 7ــ 1864م اغار بنو يزناسن على لمهاية، واستمر القتال يوما كاملا، وفي هذه الفترة كانت غارات بني يزناسن تتواصل على لمهاية في الوقت الذي سعى فيه عامل وجدة وبنو وكيل لاصلاح ذات البين لكن هذه المساعي فشلت جراء معارضة زعيم بني يزناسن .
واصل الحاج محمد بن البشير حربه ضد لمهاية بدون هوادة، وطالبهم بتسليم العيد ولد بوجمعة قاتل اخاه، وتمكن من طردهم نحو الجنوب بعدما تخلى عنهم حلفاءهم، فالتجات فرقة بقيادة زعيمهم الحاج بوبكر المهياوي الى غرب الجزائر سنة 1868 بموافقة فرنسية، ولن يعودوا الى المغرب إلا بعد مرور 6 سنوات،(2) وعفو الحاج محمد بن البشير عنهم. وفي نفس الوقت واصل تقديم ادلة وبراهين على حسن تصرافته تجاه الفرنسيين، فاوقف ثورة بوعزة الهبري ضد الفرنسيين وتمكن من تفريق اتباعه(3)، كما رفض مساندة اولاد الشيخ لما ارادوا الهجوم على فرنسا سنة 1870، فرد عليهم انه لا يستطيع المشاركة في العملية دون امر من السلطان(4).
لم تكن فرنسا تعلم نوايا الحاج محمد بن البشير وما اقدم عليه، لكن ما يهم عند الفرنسيين هو انه لازم الحياد ولم يقم باي عمل عدائي تجاههم. عظم شانه لدى الفرنسيين وبدأوا باقامة علاقة مباشرة معه بعدما تقلص دور العامل.
كان الحاج محمد بن البشير يتمتع بنفوذ قوي بعمالة وجدة، لقد كان في الواقع هو القائد الحقيقي للعمالة، فقد عمل عن تسوية الاوضاع ، واصبح هو من يقوم باصلاح ذات البين بين القبائل المتناحرة، ويعاقب بشدة من يخرج عن الطاعة، ويقوم بالاغارة عليهم ويرغمهم بدفع ذعائر، كان شديد الحرص على استتباب الامن بالمنطقة.
وفي سنة 1873 حدثت نزاعات بين الحاج محمد بن البشير والحاج محمد الزعيمي زعيم بني خالد، كان الاخير يرفض كل قرارات الحاج محمد ولد البشير الذي كان يتمتع بسلطة واسعة، وكان ذو هيبة، فزادت قوته، أما الحاج الزعيمي ــ رغم وقوف الحاج ميمون البشير بجنبه وهو الذي طالب السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام باطلاق سراحه واشراكه له في السلطة سنة 1857 ــ فكان لا يملك من القوة مايمكنه من الوقوف شخصيا ضد اي قرار زعيم بني يزناسن. كادت الحرب ان تقع بين الطرفين لولا المحادثات التي اسفرت عن دفع الحاج الزعيمي 5000 فرنك و4 خيول (5).
خلال صيف 1873 كانت الاضطرابات ضاربة اطنابها في المنطقة، وكثرت حروب اللفوف بين القبائل مما ادى الى تدخل المرابطين او شيوخ الزوايا لنزع فتيل النزاع ونهج طريق السلم، لكن قلما تنجح هذه المساعي لتعنت بعض زعماء القبائل.
________________
(1): وجدة والعمالة فوانو جزء 2 ص : 146
(2): نفس المصدر ص: 151
De la martinière et lacroix T.1 p.146 :(3)
(4): La menace des Ouled Sidi Cheikh contre le tell algerien et les dangers de leurs intriques au Maroc , 1870-1873. L.Voinot
(5): وجدة والعمالة فوانو جزء 2 ص: 145
*: بعد مقتل الحاج ميمون بن البشير خلفه اخوه الحاج محمد بن البشير على قيادة بني يزناسن. وفي 23 ــ 7ــ 1864م اغار بنو يزناسن على لمهاية باحواز وجدة في الوقت الذي كانت جماعة من اعيان هؤلاء تتفاوض مع عامل المدينة أحمد بن الداودي في شأن إغتيال الحاج ميمون. وبما ان هذه المفاوضات لم تسفر عن اي نتيجة ايجابية التجأت 150 خيمة من لمهاية الى الجزائر حتى صيف 1866م حيث استجاب ابوبكر لمهياوي قائد لمهاية لطلب احالة العيد بن بوجمعة قاتل الحاج ميمون على القضاء ومغادرة التراب الجزائري.
الحاج محمد بن البشير بن مسعود الوريمشي البوخريصي اليزناسني من قسم بني وريمش من القبيلة الكبرى لبني يزناسن، وفرقته الكبرى تدعى أولاد بوخريص، والعائلة الصغيرة تدعى أولاد البشير أمسعود. كان يسكن قصرا ببرديل نواحي تافوغالت ومازال أنقاضه موجودا إلى الآن، ومن أولاده الحاج محمد الصغير ومن ولد هذا الاخير الحاج محمد المنصوري، وقد كان الحاج محمد بن البشير أحد الابطال العظام في بني وريمش وفي جميع أنحاء المغرب الشرقي، له خبرة بالحرب، ونجدة عجيبة، وبعد نظر، وسعة صدر. بالاضافة الى تعففه عن اموال الناس وممتلكاتهم. كان يتوفر على صفات الرجولة، وقد ورث عنه أبناءه وحفدته هذه الصفات، كان معروفا بشدة تعلقه بشؤون دينه، ولم يعرف عنه انه استغنى بزعامته باستغلال نفوذها، فقد مات رحمه الله ولم يخلف شيئا يذكر، بل حتى قصره لا يلوح بما تلوح به القصور من آيات الثراء و النعمة. ومن البديهي ان يكون له مساعدون كثر تتسم بينهم وبينه صفات الاخوة والمواساة والاحترام ربما لعبوا دورا مهما وكبيرا لوصوله الى زعامة بني يزناسن.
بعد مقتل الحاج ميمون بن البشير خلفه اخوه الحاج محمد بن البشير* على قيادة بني يزناسن، وفي اطار اخذه بثار اخيه المقتول غدرا ، جمع القائد جيشا عظيما قوامه 10.000 مقاتل و 600 فارس، وهاجم قبيلة لمهاية التي فرت نحو الجنوب (1). وفي 23 ــ 7ــ 1864م اغار بنو يزناسن على لمهاية، واستمر القتال يوما كاملا، وفي هذه الفترة كانت غارات بني يزناسن تتواصل على لمهاية في الوقت الذي سعى فيه عامل وجدة وبنو وكيل لاصلاح ذات البين لكن هذه المساعي فشلت جراء معارضة زعيم بني يزناسن .
واصل الحاج محمد بن البشير حربه ضد لمهاية بدون هوادة، وطالبهم بتسليم العيد ولد بوجمعة قاتل اخاه، وتمكن من طردهم نحو الجنوب بعدما تخلى عنهم حلفاءهم، فالتجات فرقة بقيادة زعيمهم الحاج بوبكر المهياوي الى غرب الجزائر سنة 1868 بموافقة فرنسية، ولن يعودوا الى المغرب إلا بعد مرور 6 سنوات،(2) وعفو الحاج محمد بن البشير عنهم. وفي نفس الوقت واصل تقديم ادلة وبراهين على حسن تصرافته تجاه الفرنسيين، فاوقف ثورة بوعزة الهبري ضد الفرنسيين وتمكن من تفريق اتباعه(3)، كما رفض مساندة اولاد الشيخ لما ارادوا الهجوم على فرنسا سنة 1870، فرد عليهم انه لا يستطيع المشاركة في العملية دون امر من السلطان(4).
لم تكن فرنسا تعلم نوايا الحاج محمد بن البشير وما اقدم عليه، لكن ما يهم عند الفرنسيين هو انه لازم الحياد ولم يقم باي عمل عدائي تجاههم. عظم شانه لدى الفرنسيين وبدأوا باقامة علاقة مباشرة معه بعدما تقلص دور العامل.
كان الحاج محمد بن البشير يتمتع بنفوذ قوي بعمالة وجدة، لقد كان في الواقع هو القائد الحقيقي للعمالة، فقد عمل عن تسوية الاوضاع ، واصبح هو من يقوم باصلاح ذات البين بين القبائل المتناحرة، ويعاقب بشدة من يخرج عن الطاعة، ويقوم بالاغارة عليهم ويرغمهم بدفع ذعائر، كان شديد الحرص على استتباب الامن بالمنطقة.
وفي سنة 1873 حدثت نزاعات بين الحاج محمد بن البشير والحاج محمد الزعيمي زعيم بني خالد، كان الاخير يرفض كل قرارات الحاج محمد ولد البشير الذي كان يتمتع بسلطة واسعة، وكان ذو هيبة، فزادت قوته، أما الحاج الزعيمي ــ رغم وقوف الحاج ميمون البشير بجنبه وهو الذي طالب السلطان المولى عبد الرحمان بن هشام باطلاق سراحه واشراكه له في السلطة سنة 1857 ــ فكان لا يملك من القوة مايمكنه من الوقوف شخصيا ضد اي قرار زعيم بني يزناسن. كادت الحرب ان تقع بين الطرفين لولا المحادثات التي اسفرت عن دفع الحاج الزعيمي 5000 فرنك و4 خيول (5).
خلال صيف 1873 كانت الاضطرابات ضاربة اطنابها في المنطقة، وكثرت حروب اللفوف بين القبائل مما ادى الى تدخل المرابطين او شيوخ الزوايا لنزع فتيل النزاع ونهج طريق السلم، لكن قلما تنجح هذه المساعي لتعنت بعض زعماء القبائل.
________________
(1): وجدة والعمالة فوانو جزء 2 ص : 146
(2): نفس المصدر ص: 151
De la martinière et lacroix T.1 p.146 :(3)
(4): La menace des Ouled Sidi Cheikh contre le tell algerien et les dangers de leurs intriques au Maroc , 1870-1873. L.Voinot
(5): وجدة والعمالة فوانو جزء 2 ص: 145
*: بعد مقتل الحاج ميمون بن البشير خلفه اخوه الحاج محمد بن البشير على قيادة بني يزناسن. وفي 23 ــ 7ــ 1864م اغار بنو يزناسن على لمهاية باحواز وجدة في الوقت الذي كانت جماعة من اعيان هؤلاء تتفاوض مع عامل المدينة أحمد بن الداودي في شأن إغتيال الحاج ميمون. وبما ان هذه المفاوضات لم تسفر عن اي نتيجة ايجابية التجأت 150 خيمة من لمهاية الى الجزائر حتى صيف 1866م حيث استجاب ابوبكر لمهياوي قائد لمهاية لطلب احالة العيد بن بوجمعة قاتل الحاج ميمون على القضاء ومغادرة التراب الجزائري.
الحاج محمد بن البشير بن مسعود الوريمشي البوخريصي اليزناسني من قسم بني وريمش من القبيلة الكبرى لبني يزناسن، وفرقته الكبرى تدعى أولاد بوخريص، والعائلة الصغيرة تدعى أولاد البشير أمسعود. كان يسكن قصرا ببرديل نواحي تافوغالت ومازال أنقاضه موجودا إلى الآن، ومن أولاده الحاج محمد الصغير ومن ولد هذا الاخير الحاج محمد المنصوري، وقد كان الحاج محمد بن البشير أحد الابطال العظام في بني وريمش وفي جميع أنحاء المغرب الشرقي، له خبرة بالحرب، ونجدة عجيبة، وبعد نظر، وسعة صدر. بالاضافة الى تعففه عن اموال الناس وممتلكاتهم. كان يتوفر على صفات الرجولة، وقد ورث عنه أبناءه وحفدته هذه الصفات، كان معروفا بشدة تعلقه بشؤون دينه، ولم يعرف عنه انه استغنى بزعامته باستغلال نفوذها، فقد مات رحمه الله ولم يخلف شيئا يذكر، بل حتى قصره لا يلوح بما تلوح به القصور من آيات الثراء و النعمة. ومن البديهي ان يكون له مساعدون كثر تتسم بينهم وبينه صفات الاخوة والمواساة والاحترام ربما لعبوا دورا مهما وكبيرا لوصوله الى زعامة بني يزناسن.