مدينة السعيدية
تقع مدينة السعيدية في اراضي اولاد منصورالتي تنتمي إلى مجموعة قبائل تريفة ( العثامنة وهوراة وأولاد الصغير)، وتنقسم إلى قسمين:
1): القصبة وهي التي بناها المولى الحسن الاول سنة 1883م عند مصب وادي كيس، لتكون مثبتة لمعالم الحدود، ومعلمة بارزة تحصن التراب الوطني من كل توسع محتمل من قبل الفرنسيين، بالاضافة إلى محاربة التهريب الذي كان متفشيا عبر خط الحدود، إذ كانت تهرب الماشية والابقار باعداد كبيرة نحو غرب الجزائر. ولما شرع في بناء هذه القصبة إحتجت السلطات الفرنسية على هذا البناء لانها اعتبرته خرقا لما جاء في البند الاول من إتفاق للا مغنية سنة 1845م ناسية او متناسية ما اقدمت عليه سنة 1882م من بناء برج غير بعيد عن وادي كيس بدعوى حماية سوق اسبوعي "سوق الحيمر"، وبذلك ضربت البند الاول من المعاهدة عرض الحائط (والبند الاول ينص على عدم إشهار معالم الحدود بالحجارة او عدم البناء بخط الحدود) .
وكان الشروع في بناء القصبة في بداية شهر يونيو 1883 تحت إشراف عامل وجدة عبد المالك السعيدي ، وانتهت أشغال البناء في بداية سنة 1884، حيث عُيّن بها قائد مخزني ـ يُعتبر في واقع الأمر خليفة لعامل وجدة ، وكان أول من تولى مهام القيادة بها هو علال بن منصور البخاري، وقد اشتهرت القصبة في بداية عهدها باسم "القصبة السعيدة"، وكان مصطلح " السعيد" يطلق في عُرْف الجهاز المخزني على كل ما يُنسَبُ للدولة.
كانت القصبة تـُنعت ب ( قصبة عجرود، سعيدة عجرود، القصبة السعيدة، السعيدة ) إلى أن فرضت سلطات الاحتلال اسم السعيدية بحكم الأمر الواقع ، ومن المرجح أن يكون ذلك نسبة إلى عامل وجدة عبد المالك السعيدي ، الذي أشرف على أشغال البناء .
وقد تعاقب على قيادة قصبة عجرود ( السعيدية ) ثلاثة قواد ، وهم :
ـ علال بن منصور البخاري ( 1884 ـ 1897)
ـ أحمد بن كروم البخاري ( 1898 ـ 1901 ).
ـ علال الشرادي ( 1902 ـ 1907 ).
وتكشف الوثائق أن ولاية علال بن منصور البخاري كانت أطول ولاية عرفتها قصبة عجرود ، حيث دامت زهاء ثلاث عشرة سنة ، بينما لم تستغرق ولاية خلفه أحمد بن كروم البخاري أكثر من ثلاث سنوات ،أما ولاية علال الشرادي فكانت متقطعة بسبب استيلاء الثائر الروكي على القصبة سنة 1903 خلال شهور معدودة ، فوقع استدعاؤه إلى طنجة ريثما يستعيد المخزن سيطرته على القصبة ، ثم عاد إلى منصبه سنة 1904 ، حيث ظل قائد بالقصبة إلى تاريخ دخول الجيش الفرنسي( أبريل 1907 ) .
ويُعزى اهتمام المخزن بالقصبة في عهد أحمد بن كروم البخاري إلى الأحداث التي كانت تقع بساحل الريف من تهريب وقرصنة ، مما كان يعرّض الدولة المغربية إلى ضغوط من جانب بعض الدول الأوربية ، ولذلك كان من الضروري في نظر المخزن تعزيز حضوره بشرق المغرب، ومن ضمنه قصبة عجرود من أجل فرض هيبة الدولة . غير أن فترة ولاية أحمد بمن كروم على"القصبة السعيدة "لم تتجاوز ثلاث سنوات، حيث نُودي عليه للتولية على عمالة وجدة يوم 3 فبراير 1902 ، بعد أن وافت المنية عامل وجدة العباس ولد ابّ محمد بشكل مفاجئي يوم 3 دجنبر 1901 ، وقد يُعتبر هذا التعيين بمثابة ترقية للباشا أحمد بن كروم ، بعد أن تمرّس بمشاكل المنطقة الحدودية وسبَر سيرة الفرنسيين المجاورين منذ خدمته بقصبة عجرود ، التي عـُيّن بها بدله الحاج علال الشرادي .
ومن جانب آخر تكشف الوثائق أن قواد القصبة كثيرا ما كانوا يعجزون عن فرض هيبة الدولة، نظرا للتحالفات القبلية التي ميزت شرق المغرب ـ أي ما كان يسمى بنظام اللف ، ويخشون أن تكون عليهم الكـَرّة ، وهو ما وقع لبعض عمال وجدة ـ خاصة عبد المالك السعيدي سنة 1885 ثم إدريس بن يعيش سنة 1897 ، فكانوا يضطرون إلى اللجوء إلى التراب الجزائري. وتكشف الوثائق بعض مظاهر العجز الذي عانى منه قواد قصبة عجرود ـ خاصة في عهد ولاتيْ علال بن منصور البخاري وأحمد بن كروم الجبّوري ، فقد استباح أولاد منصور القصبة في غياب القائد علال بن منصور ونهبوا ما كان بها من الزرع في نهاية سنة 1897 ، فتحسّر القائد على قلة العسكر لردع المعتدين واستسلم للأمر الواقع.
بعد ثورة الروكي ( 1902 ) تعزز الحضور المخزني بالقصبة ، حيث صارت محطة لاستقبال الجيوش المخزنية والعتاد الحربي ، فكان تخييم الجيش بجوار القصبة مَبعثا للهيبة في قبائل تلك الجهة ، فلم تتجرّأ على مناوشته ، وزاد من ضعف حالها انقسامها بين مؤيد ومعارض للثائر، الذي استقر بقصبة سلوان بعد أن انسحب بصفة نهائية من عمالة وجدة سنة 1905.
ونستخلص من هذا السرد بعض الجوانب من علاقة قواد القصبة بقبائل الجوار ،حيث يتضح أن حامية عجرود المستحدثة منذ سنة 1883،لم تحقق الهدف المنشود ـ أي حفظ الأمن وفرض هيبة الدولة ، خاصة أثناء ولايتيْ علال بن منصور البخاري وأحمد بن كروم ، بحكم قلة العسكر وقلة الوسائل ( من خيول وأسلحة ومؤونة ومال ) .
وقد انزع المخزن كثيرا بعد سقوط القصبة في يد الثائر في منتصف سنة 1903 ، حيث كانت بمثابة قاعدة تخزَّنُ بها أغراض الجيش وتستقبل الجيوش الوافدة من مراسي الدار البيضاء والجديدة وطنجة والعرائش ، فأصبحت الدولة المغربية مضطرة إلى طلب مساعدة الحكومة الفرنسية ، من أجل نقل المؤونة والسلاح والذخيرة والعسكر إلى وجدة ونواحيها عبر التراب الجزائري .
إلى جانب اعتبار القصبة مركزا للسلطة المخزنية بسهل تريفة بمحاذاة خط الحدود ، فإنها قامت بدور محطة بحرية لاستقبال المساعدات الغذائية أثناء المجاعة، وكان هذا الدور أكثر فعالية بمناسبة استقبال العسكر والعتاد الحربي الموجه لمدينة وجدة ولبعض القصبات بشرق الريف ، وأضحى هذا الدور بالغ الأهمية أثناء ثورة الروكي بوحمارة ابتداء من سنة 1902. فصارت القصبة بمثابة مرسى بحري لاستقبال أغراض الجيش.
ـ مرسى عجرود
كان المخزن ينوي إحداث مرسى بساحل عجرود لإخراج شمال شرق المغرب من العُزلة التي كان يعيشها ، مما يُتيح للمنطقة التزوّد عن طريق البحر بكل ما كانت تحتاجه من حبوب وسلع أوربية ، ومن المعروف أن المشروع لم يتحقق.
التنافس الفرنسي ـ الألماني بشأن السعيدية
إهتمت ألمانيا بالقصبة باعتبارها محطة محتملة للسفن الألمانية التي تجوب المتوسط ، مما أثار مخاوف الحكومة الفرنسية من هذه المزاحمة على مشارف حدودها مع المغرب، والسر الكامن وراء هذا الاهتمام بمحطة صغيرة بحجم قصبة عجرود من الجانب الألماني هو إزعاج لحكومة الفرنسية في إطار الصراع بين الدولتين ، وقد تُحقق ألمانيا من وراء ذلك بعض المكاسب. أما اهتمام الجانب الفرنسي بالقصبة ، فمبعثه موقعها على مشارف الحدود وقريبا من البحر، فضلا عن قربها من أسواق مغربية وجزائرية ترتادها قبائل المنطقة ، مما أكسبها أهمية باعتبارها مركز إشعاع للدولة التي تسيطر عليها ، وهو ما بادرت إليه السلطات الفرنسية مباشرة بعد احتلال وجدة يوم 29 مارس 1907 ، حيث استولت على القصبة يوم 18 أبريل، بعد أن رحل عنها الجيش المغربي في اتجاه واد ملوية.
وفي هذا الوقت بالذات كانت القصبة تحتضن مركزا للديوانة المغربية، وتراقب السلع التي تعبُر الحدود البرية بهدف استخلاص الرسوم الجمركية ، وهو ما اعتبرته الحكومة الفرنسية منافيا لاتفاق سنة 1902 ، وبررت بذلك احتلال القصبة (18 أبريل1907).
لما إحتلت فرنسا القصبة في التاريخ المشار اليه اعلاه أحدثت سوقا أسبوعيا بالقصبة، ينعقد كل يوم أحد بمناسبة العطلة الأسبوعية للمستوطنين الفرنسيين ، مما شجع على توسّع حضري وإنشاء مرافق ملائمة للوضع الجديد للقصبة ، وقبل ذلك أبطلت السلطات الفرنسية سوق الحيمر الجزائري وسوق النخلة المغربي الذي كان يوم انعقادهما يصادف يوم الأربعاء . وقد ظلت مصلحة الجمارك تشتغل إلى سنة 1963، غير أن التوتر الطارئ بين الجزائر المستقلة والمغرب في هذا التاريخ أبطل عمل مركز الديوانة ، واقتصر نشاط السعيدية على الاصطياف ،إلى جانب انعقاد سوق أسبوعي بشكل منتظم طيلة السنة . وهو الوضع الذي استمر إلى وقتنا الحاضر .
2): القسم الثاني ويتمثل في المدينة العصرية التي أحدثها الفرنسيون في أول عهد الاحتلال، وهي مشهورة بشاطئ السعيدية الذي يتصدر شواطئ الجهة الشرقية من حيث الاهمية، اعتمادا على موقع المدينة الاستراتيجي وقربها من مطاري وجدة والناظور الدوليين، وما يتوفر عليها محيطها من مآثر تاريخية وطبيعية أكسبت المجال قيمة إضافية، حيث صارت المدينة قطبا سياحيا عالميا، استقطبت استثمارات ضخمة وواكب ذلك أشغال تهيئة كبيرة تتلاءم مع طموح الجوهرة الزرقاء وهو الاسم الذي اشتهرت به المدينة، وصار فعلا اسما على مسمى.
المؤلف: السيد عكاشة برحاب / كلية الآداب ـ المحمدية ـــ المغرب
لمن يرغب معرفة المزيد على تاريخ السعيدية المرجو النقر على الرابط الآتي:
السعيدية المجال والتاريخ
تقع مدينة السعيدية في اراضي اولاد منصورالتي تنتمي إلى مجموعة قبائل تريفة ( العثامنة وهوراة وأولاد الصغير)، وتنقسم إلى قسمين:
1): القصبة وهي التي بناها المولى الحسن الاول سنة 1883م عند مصب وادي كيس، لتكون مثبتة لمعالم الحدود، ومعلمة بارزة تحصن التراب الوطني من كل توسع محتمل من قبل الفرنسيين، بالاضافة إلى محاربة التهريب الذي كان متفشيا عبر خط الحدود، إذ كانت تهرب الماشية والابقار باعداد كبيرة نحو غرب الجزائر. ولما شرع في بناء هذه القصبة إحتجت السلطات الفرنسية على هذا البناء لانها اعتبرته خرقا لما جاء في البند الاول من إتفاق للا مغنية سنة 1845م ناسية او متناسية ما اقدمت عليه سنة 1882م من بناء برج غير بعيد عن وادي كيس بدعوى حماية سوق اسبوعي "سوق الحيمر"، وبذلك ضربت البند الاول من المعاهدة عرض الحائط (والبند الاول ينص على عدم إشهار معالم الحدود بالحجارة او عدم البناء بخط الحدود) .
وكان الشروع في بناء القصبة في بداية شهر يونيو 1883 تحت إشراف عامل وجدة عبد المالك السعيدي ، وانتهت أشغال البناء في بداية سنة 1884، حيث عُيّن بها قائد مخزني ـ يُعتبر في واقع الأمر خليفة لعامل وجدة ، وكان أول من تولى مهام القيادة بها هو علال بن منصور البخاري، وقد اشتهرت القصبة في بداية عهدها باسم "القصبة السعيدة"، وكان مصطلح " السعيد" يطلق في عُرْف الجهاز المخزني على كل ما يُنسَبُ للدولة.
كانت القصبة تـُنعت ب ( قصبة عجرود، سعيدة عجرود، القصبة السعيدة، السعيدة ) إلى أن فرضت سلطات الاحتلال اسم السعيدية بحكم الأمر الواقع ، ومن المرجح أن يكون ذلك نسبة إلى عامل وجدة عبد المالك السعيدي ، الذي أشرف على أشغال البناء .
وقد تعاقب على قيادة قصبة عجرود ( السعيدية ) ثلاثة قواد ، وهم :
ـ علال بن منصور البخاري ( 1884 ـ 1897)
ـ أحمد بن كروم البخاري ( 1898 ـ 1901 ).
ـ علال الشرادي ( 1902 ـ 1907 ).
وتكشف الوثائق أن ولاية علال بن منصور البخاري كانت أطول ولاية عرفتها قصبة عجرود ، حيث دامت زهاء ثلاث عشرة سنة ، بينما لم تستغرق ولاية خلفه أحمد بن كروم البخاري أكثر من ثلاث سنوات ،أما ولاية علال الشرادي فكانت متقطعة بسبب استيلاء الثائر الروكي على القصبة سنة 1903 خلال شهور معدودة ، فوقع استدعاؤه إلى طنجة ريثما يستعيد المخزن سيطرته على القصبة ، ثم عاد إلى منصبه سنة 1904 ، حيث ظل قائد بالقصبة إلى تاريخ دخول الجيش الفرنسي( أبريل 1907 ) .
ويُعزى اهتمام المخزن بالقصبة في عهد أحمد بن كروم البخاري إلى الأحداث التي كانت تقع بساحل الريف من تهريب وقرصنة ، مما كان يعرّض الدولة المغربية إلى ضغوط من جانب بعض الدول الأوربية ، ولذلك كان من الضروري في نظر المخزن تعزيز حضوره بشرق المغرب، ومن ضمنه قصبة عجرود من أجل فرض هيبة الدولة . غير أن فترة ولاية أحمد بمن كروم على"القصبة السعيدة "لم تتجاوز ثلاث سنوات، حيث نُودي عليه للتولية على عمالة وجدة يوم 3 فبراير 1902 ، بعد أن وافت المنية عامل وجدة العباس ولد ابّ محمد بشكل مفاجئي يوم 3 دجنبر 1901 ، وقد يُعتبر هذا التعيين بمثابة ترقية للباشا أحمد بن كروم ، بعد أن تمرّس بمشاكل المنطقة الحدودية وسبَر سيرة الفرنسيين المجاورين منذ خدمته بقصبة عجرود ، التي عـُيّن بها بدله الحاج علال الشرادي .
ومن جانب آخر تكشف الوثائق أن قواد القصبة كثيرا ما كانوا يعجزون عن فرض هيبة الدولة، نظرا للتحالفات القبلية التي ميزت شرق المغرب ـ أي ما كان يسمى بنظام اللف ، ويخشون أن تكون عليهم الكـَرّة ، وهو ما وقع لبعض عمال وجدة ـ خاصة عبد المالك السعيدي سنة 1885 ثم إدريس بن يعيش سنة 1897 ، فكانوا يضطرون إلى اللجوء إلى التراب الجزائري. وتكشف الوثائق بعض مظاهر العجز الذي عانى منه قواد قصبة عجرود ـ خاصة في عهد ولاتيْ علال بن منصور البخاري وأحمد بن كروم الجبّوري ، فقد استباح أولاد منصور القصبة في غياب القائد علال بن منصور ونهبوا ما كان بها من الزرع في نهاية سنة 1897 ، فتحسّر القائد على قلة العسكر لردع المعتدين واستسلم للأمر الواقع.
بعد ثورة الروكي ( 1902 ) تعزز الحضور المخزني بالقصبة ، حيث صارت محطة لاستقبال الجيوش المخزنية والعتاد الحربي ، فكان تخييم الجيش بجوار القصبة مَبعثا للهيبة في قبائل تلك الجهة ، فلم تتجرّأ على مناوشته ، وزاد من ضعف حالها انقسامها بين مؤيد ومعارض للثائر، الذي استقر بقصبة سلوان بعد أن انسحب بصفة نهائية من عمالة وجدة سنة 1905.
ونستخلص من هذا السرد بعض الجوانب من علاقة قواد القصبة بقبائل الجوار ،حيث يتضح أن حامية عجرود المستحدثة منذ سنة 1883،لم تحقق الهدف المنشود ـ أي حفظ الأمن وفرض هيبة الدولة ، خاصة أثناء ولايتيْ علال بن منصور البخاري وأحمد بن كروم ، بحكم قلة العسكر وقلة الوسائل ( من خيول وأسلحة ومؤونة ومال ) .
وقد انزع المخزن كثيرا بعد سقوط القصبة في يد الثائر في منتصف سنة 1903 ، حيث كانت بمثابة قاعدة تخزَّنُ بها أغراض الجيش وتستقبل الجيوش الوافدة من مراسي الدار البيضاء والجديدة وطنجة والعرائش ، فأصبحت الدولة المغربية مضطرة إلى طلب مساعدة الحكومة الفرنسية ، من أجل نقل المؤونة والسلاح والذخيرة والعسكر إلى وجدة ونواحيها عبر التراب الجزائري .
إلى جانب اعتبار القصبة مركزا للسلطة المخزنية بسهل تريفة بمحاذاة خط الحدود ، فإنها قامت بدور محطة بحرية لاستقبال المساعدات الغذائية أثناء المجاعة، وكان هذا الدور أكثر فعالية بمناسبة استقبال العسكر والعتاد الحربي الموجه لمدينة وجدة ولبعض القصبات بشرق الريف ، وأضحى هذا الدور بالغ الأهمية أثناء ثورة الروكي بوحمارة ابتداء من سنة 1902. فصارت القصبة بمثابة مرسى بحري لاستقبال أغراض الجيش.
ـ مرسى عجرود
كان المخزن ينوي إحداث مرسى بساحل عجرود لإخراج شمال شرق المغرب من العُزلة التي كان يعيشها ، مما يُتيح للمنطقة التزوّد عن طريق البحر بكل ما كانت تحتاجه من حبوب وسلع أوربية ، ومن المعروف أن المشروع لم يتحقق.
التنافس الفرنسي ـ الألماني بشأن السعيدية
إهتمت ألمانيا بالقصبة باعتبارها محطة محتملة للسفن الألمانية التي تجوب المتوسط ، مما أثار مخاوف الحكومة الفرنسية من هذه المزاحمة على مشارف حدودها مع المغرب، والسر الكامن وراء هذا الاهتمام بمحطة صغيرة بحجم قصبة عجرود من الجانب الألماني هو إزعاج لحكومة الفرنسية في إطار الصراع بين الدولتين ، وقد تُحقق ألمانيا من وراء ذلك بعض المكاسب. أما اهتمام الجانب الفرنسي بالقصبة ، فمبعثه موقعها على مشارف الحدود وقريبا من البحر، فضلا عن قربها من أسواق مغربية وجزائرية ترتادها قبائل المنطقة ، مما أكسبها أهمية باعتبارها مركز إشعاع للدولة التي تسيطر عليها ، وهو ما بادرت إليه السلطات الفرنسية مباشرة بعد احتلال وجدة يوم 29 مارس 1907 ، حيث استولت على القصبة يوم 18 أبريل، بعد أن رحل عنها الجيش المغربي في اتجاه واد ملوية.
وفي هذا الوقت بالذات كانت القصبة تحتضن مركزا للديوانة المغربية، وتراقب السلع التي تعبُر الحدود البرية بهدف استخلاص الرسوم الجمركية ، وهو ما اعتبرته الحكومة الفرنسية منافيا لاتفاق سنة 1902 ، وبررت بذلك احتلال القصبة (18 أبريل1907).
لما إحتلت فرنسا القصبة في التاريخ المشار اليه اعلاه أحدثت سوقا أسبوعيا بالقصبة، ينعقد كل يوم أحد بمناسبة العطلة الأسبوعية للمستوطنين الفرنسيين ، مما شجع على توسّع حضري وإنشاء مرافق ملائمة للوضع الجديد للقصبة ، وقبل ذلك أبطلت السلطات الفرنسية سوق الحيمر الجزائري وسوق النخلة المغربي الذي كان يوم انعقادهما يصادف يوم الأربعاء . وقد ظلت مصلحة الجمارك تشتغل إلى سنة 1963، غير أن التوتر الطارئ بين الجزائر المستقلة والمغرب في هذا التاريخ أبطل عمل مركز الديوانة ، واقتصر نشاط السعيدية على الاصطياف ،إلى جانب انعقاد سوق أسبوعي بشكل منتظم طيلة السنة . وهو الوضع الذي استمر إلى وقتنا الحاضر .
2): القسم الثاني ويتمثل في المدينة العصرية التي أحدثها الفرنسيون في أول عهد الاحتلال، وهي مشهورة بشاطئ السعيدية الذي يتصدر شواطئ الجهة الشرقية من حيث الاهمية، اعتمادا على موقع المدينة الاستراتيجي وقربها من مطاري وجدة والناظور الدوليين، وما يتوفر عليها محيطها من مآثر تاريخية وطبيعية أكسبت المجال قيمة إضافية، حيث صارت المدينة قطبا سياحيا عالميا، استقطبت استثمارات ضخمة وواكب ذلك أشغال تهيئة كبيرة تتلاءم مع طموح الجوهرة الزرقاء وهو الاسم الذي اشتهرت به المدينة، وصار فعلا اسما على مسمى.
المؤلف: السيد عكاشة برحاب / كلية الآداب ـ المحمدية ـــ المغرب
لمن يرغب معرفة المزيد على تاريخ السعيدية المرجو النقر على الرابط الآتي:
السعيدية المجال والتاريخ